×
محافظة المنطقة الشرقية

هروب جماعي لمقاتلي القبائل من صفوف التمرد

صورة الخبر

أثار موضوع انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي الكثير من الجدل والتحليلات التي تأرجحت بين التهويل والتهوين من تبعات هذا الانسحاب، لكن معرفة دوافع قرار بريطانيا تسلط الضوء على مشاكل جوهرية يسبب بقاؤها من دون حل انفراط عقد الاتحاد الأوروبي، حتى لو جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة لبقاء المملكة ضمن المظلة الأوروبية، إذ طالما نادت لندن بضرورة إعادة النظر في سياسات الاتحاد الأوروبي المتصلة بالاقتصاد والأمن، لا بل طالبت باستعادة بعض السلطات التي تخلت عنها المملكة للاتحاد، كتلك التي تتعلق بتحديد ساعات العمل وتبادل المجرمين، لا سيما تأكيد رئيس وزرائها السابق ديفيد كاميرون «أن الاتحاد أصبح أكثر تدخلًا وتقييداً لحياة الأوروبيين مما كان متوقعاً، أو بمعنى آخر أصبح عبئاً كبيراً عليهم، ما يستوجب إعادة التفاوض حول شروطه». إن بريطانيا أمام خيارين أحلاهما مر، فالبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي عبء تنوء بحمله المملكة المتحدة، حتى لو جاء الاستفتاء يؤيد بقاءها في الاتحاد الأوروبي، فاستمرار الأسباب يجدد مثل هذه المطالب، كما أن قرار الانسحاب بإزاء ذلك سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية وسياسية على المملكة. من أهـــم الإشكالات التي دفعت بريطانيا إلى اختيـــــار الانسحـــاب موضوع التنافسية مع الاقتصاديات الصـــاعدة، مثل الصين والهند. فالمملكة المتحدة لا تعاني وحدها من هذه المشكلة، بل كل المنظومة الأوروبية، وتتخوف لنـــدن من سيطرة دول منطقة اليورو الـ17 على مجريات اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي، إذ يؤكد الخبراء أن الاتحاد النقدي الذي رفضت المملكة الدخول فيه، أصبح محور اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي، وأصبحت كل القرارات تتطلب تفاوضاً من جانب أعضائه في البداية، ثم يتم عرضها بعد اتفاق الأعضاء في منطقة اليورو على دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. وتعاني المملكة من مشكلة المهاجرين، لا سيما غير الشرعية، إذ يربو عدد المهاجرين على 863 ألفاً، وهم إضافة إلى العبء الذي يشكلونه على الاقتصاد ومستوى المعيشة والخدمات العامة كالتعليم والصحة، يؤثرون في النسيج الاجتماعي أيضاً. وترى لندن أن قوانين الاتحاد هي السبب وراء تدفق المهاجرين، وعلى رغم مطالباتها بوضع آلية لضبط حركة الهجرة على حدودها مع الاتحاد إلا أن مطالبها لم تنفذ. وفي الداخل يرى البعض أن الأزمة الاقتصادية ساهمت في دعم التيارات اليمينية المتطرفة ليس في المملكة المتحدة فحسب، بل في عموم بلدان الاتحاد الأوروبي كذلك، لذا فإن حزب المحافظين تبنى موضوع العضوية في الاتحاد الأوروبي على رغم معارضة حزب الديموقراطيين الأحرار المعارض. ولا شك في أن تصويت البريطانيين لمصلحة الانسحاب سيترتب عليه الكثير من النتائج على المملكة وعلى الاتحاد الأوروبي على السواء، فعلى الصعيد الاقتصادي سيتباطأ نمو الاقتصاد البريطاني، بإزاء ذلك سيتضرر الاتحاد الأوروبي لأن المملكة المتحدة هي أكبر شريك تجاري لمنطقة اليورو، ومعروف أنها تشكِّل 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بأسرها. كما ستخسر المملكة المتحدة فرص عمل تقدر بالملايين في الشركات الأوروبية التي تضم عاملين بريطانيين. أما على الصعيد السياسي والعسكري، فهناك توقعات بأن لندن ستخسر نفوذها وتأثيرها في الاتحاد، كما أن ذلك سيكون على حساب علاقتها مع الولايات المتحدة طالما أن واشنطن ستحرص على استمرار الشراكة السياسية والعسكرية مع الاتحاد الأوروبي. كما أن قرار المملكة بالانسحاب قد يدفع اسكتلندا إلى تجديد مطالبتها بالاستقلال عن المملكة. ومهما يكن من أمر التداعيات المترتبة على انسحاب المملكة، فإن خيار الانسحاب جاء في ظل عدم انصياع الاتحاد لمطالب المملكة وإصرار الأخيرة على استعادة سلطاتها، الأمر جعل التسوية أمراً مستبعداً. وبغض النظر عن التداعيات المترتبة على انسحاب المملكة، فإن هذا القرار أماط اللثام عن تحديات خطيرة تواجه مسيرة الاتحاد الأوروبي تؤكد إعادة النظر بالكثير من السياسات التي تبناها الاتحاد.