شيماء المرزوقي يعتقد البعض أن الشجاعة تكمن في القوة البدنية، وتنحصر في المواجهة الجسدية مع الآخرين، وهناك من يعتقد أنها ضد الخوف، أو أن الشجاع من يتمتع بالإقدام والمغامرة والمجازفة، لأنه لا يهاب شيئاً، ولا يوقفه شيء. وهذا المفهوم هو السائد، أو هذه النظرة العامة، ورغم أنني لا أجادل في مدى صحة مثل هذا الطرح، إلا أنني دوماً كنت أحمل رؤية شخصية تختلف في هذا المجال مع الطرح السائد، نعم أتفق مع مثل هذا الطرح من جانبه اللغوي، بمعنى عند تفسير معنى كلمة شجاع في المعجم العربي، سنجدها تعني: الجريء المِقْدام، لكن ليس هذا المحور الذي أشير إليه، بل أشير نحو معنى آخر من الشجاعة لا يتم تمجيده ولا يتم الاحتفاء به، ولا يتم نشره وتعميمه، ولا يلتفت له، ولا ندفع أنفسنا ولا أطفالنا لفهمه وتبنيه، وأن يكون جزءاً من وقتهم وحياتهم، وأقصد تحديداً الشجاعة في طلب العلم واكتساب المعرفة، الشجاعة في وضوح رؤيتك نحو مجتمعك ووطنك، وبالتالي تشكل حاجزاً ومانعاً وخط دفاع قوياً ضد المتربصين بكيان بلادنا، خاصة تلك الأبواق التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، وتستتر خلف أسماء مستعارة، الشجاعة التي تحمل النبل والأخلاق والقيم الجميلة الخلاقة. لقد مللنا من كل ذلك السيل من الأفلام السينمائية التي نقلت لنا أن الشجاع هو ذلك الرجل ذو البنية الجسدية القوية، ولقد مللنا من ترديد قصص توضح أن الشجاع هو ذلك الفارس الذي يضرب بسيفه. نريد في هذا الزمن نوعاً جديداً من الشجاعة، شجاعة أن ننتصر على الطمع والقسوة، الشجاعة في التغلب على الماديات والتسلط، الشجاعة في أن نملأ قلوبنا بالنقاء والصفاء، الشجاعة في نشر قيم التسامح ونبذ العنصرية، الشجاعة في الترويج للسلام وكشف زيف الجماعات المتطرفة، وكل الأصوات النشاز التي تمجد القتل وسفك دماء الأبرياء. وهذا النوع من الشجاعة، يتطلب قوة في العقل والفهم، وحضوراً روحياً واستعداداً نفسياً، يحتاج لرغبة صادقة واندفاع نحو القيم النبيلة بقوة وبسالة ودون أي تردد. نحتاج للشجاعة أيضاً للتغلب على التحديات الحياتية التي تواجهنا، نحتاج لها أيضاً لننتصر على أوجاعنا وهمومنا، وكما قال الروائي الشهير أرنست هيمينغواي: الشجاعة هي نعمة وهبت لنا للتخلص من الضغوط. كن شجاعاً دوماً في مواجهة التحديات الحياتية، كن شجاعاً في جامعتك أو مدرستك، ومقر عملك ووظيفتك، كن شجاعاً وأنت تتعلم وتدرس، وأنت تقرأ وتنمي ثقافتك ومعارفك.. وثق أن من يملك هذا الفهم للشجاعة سيكون هو الأكثر قوة والأكثر حضوراً وفائدة لنفسه ومجتمعه. Shaima.author@hotmail.comEmail Www.shaimaalmarzooqi.com