صحيفة المرصد:أثارت العلاقة الغامضة التي ربطت ملكة بريطانيا فيكتوريا مع خادمها الهندي المسلم عبد الكريم، خيال الكثيرين رغم محاولات الأسرة الملكية إخفاءها، فهل هي علاقة خادم بسيدته؟ أم نائب قوي بملكته؟ أم حالة حب بين رجل حنون وسيدة فقدت زوجها؟ من المنتظر أن تتحول رواية فيكتوريا وعبد الكريم: القصة الحقيقية لأقرب مقربي الملكة لمؤلفتها الكاتبة شراباني باسو، إلى فيلم سينمائي تلعب فيه الممثلة البريطانية المخضرمة جودي دينش دور الملكة البريطانية فيكتوريا، فيما يلعب الممثل الهندي علي فضل دور عبد الكريم ويقوم بإخراجه ستيفن فريزر، على أن يكون العمل جاهزاً للعرض في العام 2017. الرواية التي صدرت في العام 2010، تحكي عن جوانب خفية من شخصية الملكة فيكتوريا التي حكمت بريطانيا بين عام 1837 حتى وفاتها في العام 1876. إذ حكمت إمبراطوريتها الهند إبان تاريخ بريطانيا الاستعماري، عندما كانت بريطانيا العظمى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وتتطرق الرواية بشكل كبير إلى علاقة الملكة على وجه الخصوص، مع رجل هندي أرسل لها كهدية لتنشأ بينهما علاقة حاول عدد كبير من أعضاء العائلة المالكة تقويضها. تحدثت باسو وهي كاتبة الأميرة الجاسوسة: قصة نور حياة خان، وكاري، وإلى الملك وبلد آخر، لموقع Scroll.in عن القصة العجيبة والقوة التي أظهرتها الملكة في تلك الحقبة المشحونة سياسياً، فكان هذا الحوار: كيف عثرت على قصة الملكة فيكتوريا مع عبد الكريم؟ كنت أبحث عن بعض المعلومات لأحد كتبي التي صدرت من قبل، فعلمت أن الملكة فيكتوريا كانت تحب الكاري وأنه كان لديها بعض الخدم الهنود، وفي زيارة لمنزل اوزبورن في جزيرة وايت رأيت صوراً لعبد الكريم. كان يبدو كنائب لها أكثر منه خادماً ورأيت ألبوم صور اتضح لي من خلاله أنه كان مقرباً جداً من الملكة، فقررت أن أبحث الأمر. هل كانت هناك أية مقاومة من العائلة الملكية البريطانية تجاه الكتاب، بسبب عدائها القديم المعروف نحو عبد الكريم؟ لا، على الإطلاق. كانوا متعاونين للغاية. بدأت بحثي في قصر وندسور، في الأرشيف الملكي. أحضروا لي كل ما أردته، ومنها مذكرات هندوستان التي سمحوا لي بأخذ صور ضوئية لها وعن ترجمتها. كانت هناك أيضاً بعض الرسائل الكاشفة للكثير مما أردت معرفته. إلى أي مدى تعتقدين أن كتاب فيكتوريا وعبد الكريم سيغير نظرة الناس للملكة فيكتوريا؟ حين بدأت في البحث، كانت فكرتي عن الملكة فيكتوريا أنها سيدة متجهمة، ترتدي السواد، وتكرر عبارة هذا غير مسلٍ. كانت تمثل الإمبراطورية بالنسبة لي، وسحق الثورات، والاستيلاء على الماسة كوهينور. لكن مع التقدم في البحث، اكتشفت أنها كانت تقدمية، وكانت تسبق عصرها. فقد تعلمت اللغة الأردية (لغة المسلمين بالهند)، وكانت تكره العنصرية، بل وتصدت لعائلتها ورئيس وزرائها دفاعاً عن عبد الكريم. كما أدركت أيضاً أنها كانت تحب الهند والهنود للغاية، وأنها كانت تتطلع للسفر إلى الهند، لترى تاج محل، لكنها لم تتمكن من ذلك. كانت رومانسية جداً. أعتقد أن الكتاب يظهر جانباً مختلفاً من شخصية فيكتوريا. هل كان عبد الكريم أكثر من مجرد مرافق مخلص للملكة؟ كان عبد الكريم في الـ 24 من عمره حين التقى بالملكة. لعلها كانت تجربة مبهرة بالنسبة له. لم يكن يرغب في أن يصبح خادماً، وأراد أن يعود للهند، لكن الملكة رجته أن يبقى، وفي العام التالي، رقّته ليصبح سكرتيرها. كان مخلصاً للملكة، وتظهر مذكراته الخاصة مدى إعجابه بها. وظل وفياً لها حتى النهاية، وحتى بعد وفاتها، حينما أهانوه وأعادوه إلى الهند، لم يتحدث عن العائلة المالكة ومعاملتهم له، بل تبنى الصمت بكبرياء، وعاش حياة هادئة في أغرة. لم تلمحي أبداً إلى أن علاقة فيكتوريا بعبد الكريم كانت علاقة رومانسية، ولكنك أطلقت على تلك العلاقة ذات مرة قصة حب. العلاقات لها مستويات مختلفة؛ فعلاقة فيكتوريا بعبد الكريم كانت مميزة. كان مرافقها الدائم، وصديقها المقرب، والشخص الذي تخطى كل رسميات البلاط الملكي وظهر لها كإنسان حقيقي. هل كانت بينهما علاقة جسدية؟ لا أظن ذلك أبداً. ولكن كان هناك حنان. كانت فيكتوريا رومانسية تحب وجود الرجل الطويل القوي بجوارها، وبعد وفاة زوجها آلبرت، مرت بفترة حداد، لم يخرجها منها سوى مرافق الصيد الاسكتلندي جون براون. يقال أنها أحبت جون براون وبعد وفاته، عادت إلى الحزن مرة أخرى، و بعد أربع سنوات، جاء عبد الكريم الذي أعتقد أنه أعاد إليها الحياة، وأنها عاشت إلى سن 75 فقط بسببه. “مذكرات هندوستان التي كانت تكتبها كل يوم لمدة 13 عاماً تظهر مدى أهمية تلك العلاقة. من الغريب أن علاقة كتلك تبقى طي الكتمان كل تلك السنين. لماذا أخفيت تلك القصة؟ كانت العائلة الملكية البريطانية ترغب في وأدها. ودوا لو أنهم محوا اسم عبد الكريم من كتب التاريخ. كل الرسائل التي أرسلتها له الملكة أحرقت بعد وفاتها. حتى بطاقات المعايدة. بذلوا وسعهم ليمنعوه من نشر مذكراته، وطردوه من البلد. أصبح مرافقها المقرب الذي سبب زوبعة في البلاط الملكي مجرد سطر في كتب التاريخ. كيف أُعدت القصة للسينما؟ أختيرت القصة مباشرة بعد أن نشرت. سمعني لي هول الكاتب المسرحي والسيناريست -، حديثاً على راديو BBC 4، وأعجبته القصة، فتبنى الفكرة، هو وزوجته البارونة بيبان كيدرون، وهي المنتجة، وقد تحمست جداً للمشروع. بعد ذلك، انضمت أفلام BBC للمشروع، ثم المخرج ستيفين فريرز، ثم جودي دينتش التي تقوم بدور الملكة. يظهر الفيلم رجلاً مسلماً يلعب دوراً هاماً في البلاط الملكي. من المثير أنه سيعرض بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. بالطبع، وجود رجل مسلم في قلب الإدارة البريطانية في أوج مجد الإمبراطورية يعتبر شيئاً بالغ الأهمية، والطريقة التي عاملته به العائلة الملكية بعد وفاة الملكة له علاقة وثيقة بالأحداث الجارية اليوم. لم يكن الهنود على علم بتلك العلاقة المميزة. ماذا تريدين أن يستخلصوا من القصة والفيلم؟ إنه جزء من التاريخ تم إخفاؤه وتدميره. من المهم أن يتعرّف الناس على القصة. إنها في النهاية قصة علاقة إنسانية، هذا ما أرجو أن يستخلصوه.