أقر مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة الأسبوع الماضي عددا من القرارات التنظيمية التي تهدف إلى زيادة إيرادات الدولة غير النفطية لمواجهة الهبوط الحاد في أسعار البترول، وتأتي هذه الخطوة كجزء من برنامج إصلاحي بدأته الدولة لتصحيح أوضاع إدارة المالية العامة وسياساتها للسيطرة على خلل الموازنة وإيراداتها من خلال حزمة من التدابير التي تهدف إلى خفض النفقات غير الضرورية، والتحكم في فاتورة المصروفات عبر ما تم من ترتيبات إدارية وتنظيمية وإعادة هيكلة للوزارات والأجهزة الحكومية تنظيميا، وفي نفس الوقت زيادة الإيرادات من خلال رفع أسعار منتجات الطاقة وتعديل تعرفة استهلاك الكهرباء والمياه والصرف الصحي،، تلا ذلك فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وفيما بعد ضريبة القيمة المضافة والتي يتوقع تطبيقها لاحقا في الفترة القادمة. موافقة مجلس الوزراء على زيادة الرسوم تأتي تماشيا مع ما سبق لوزارة المالية الإعلان عنه من خطوات لإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة تم اقتراحها كحلول عند الإعلان عن ميزانية العام الماضي بهدف زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية عبر تعديل عدد من الأنظمة لتشمل زيادة رسوم التأشيرات بحسب اختلاف الشرائح والمدد الزمنية للحاجة لها، ورسم مغادرة عبر المنافذ الحدودية؛ كما شملت الموافقة زيادة رسوم عدد من الخدمات ورسوم لوحات الدعاية والإعلان البلدية؛ وأخير إجراء تعديلات على نظام المرور عبر إضافة وتعديل عدد من الغرامات الخاصة ببعض الممارسات المرورية المخالفة بما في ذلك مخالفة التفحيط؛ هذه القرارات غير المفاجئة وقطعا لن تكون الأخيرة جاءت منسجمة مع ما سبق الإعلان عنه كذلك من برامج ومبادرات ضمن إطار رؤية المملكة 2030م وتشكل جزء من الحلول على الأقل لحفظ نمو واستقرار الاقتصاد الكلي على المدى القصير، فيما تهدف على المدى البعيد إلى التحول نحو إيجاد مصادر مستقرة ومتنوعة للدخل عبر زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة (512%)، قياسا على ما تحقق في ميزانية العام الماضي من إيرادات غير نفطية بلغت (163.5) مليار ريال. زيادة الرسوم تعتبر رافدا مهما للدولة لزيادة إيراداتها غير النفطية، ولكن لها كذلك جانب تنظيمي موازٍ لضبط سلوكيات وممارسات الفئة المخاطبة بها بحسب القطاع المستهدفة به، هذا فضلا عن ما هو متوقع من مساهمة جزء من هذه الإيرادات في تطوير والارتقاء بكفاءة وجودة ما تقدمه هذه الجهات من خدمات؛ وتبقى القابلية لزيادة الرسوم أو مراجعة مستوياتها ومستوى الغرامات، واستحداث رسوم جديدة وتطبيق رسوم إضافية على كل ما هو ضار في المجتمع من مشروبات وسلع ذات أثر ومردود لزيادة الإيرادات غير النفطية؛ ولكنها – أي زيادة الرسوم - مع ذلك لا تقارن من حيث الأثر بغيرها من البرامج الاقتصادية الإصلاحية النوعية الأخرى كخصخصة المشاريع التنموية، والاستثمار المباشر للشركات الكبيرة، والمراجعة الدورية لنظام سعر صرف الريال المربوط بالدولار طالما أنه الخيار الأفضل، والعزم على التحول في مكافحة كافة أنماط الفساد؛ أخذا في الاعتبار أن الرسوم كخطوة سيليها غيرها من المبادرات الأخرى كفرض ضريبة القيمة المضافة، فالمأمول أن يراعى في حيثيات دراسات إجراءات استكمال تطبيقها بالتزامن على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ما تتمتع به بعض دول المجلس من فروقات هامة من حيث الكثافة السكانية وحجم الدخل للفرد وبرامج حكومية نوعية لدعم برامج الإسكان ونحو ذلك، وكذلك تلافي ما شاب زيادة تعرفة استهلاك المياه والكهرباء من لغط في تقدير توزيع شرائح الاستهلاك بالنسبة للمواطن العادي. DrAlmuraishedS@gmail.com