يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم الأربعاء 1435/4/12 هـ، العرس الوطني التراثي والثقافي الذي تحتضنه الرياض كل عام بحضور حشد كبير من الأدباء والمفكرين من مختلف أصقاع الأرض؛ حيث تتجه إليه أنظار العالم كله، لما يتمتع به المهرجان الوطني للتراث والثقافة من سمعة عالية تم تكريسها خلال مسيرته الطويلة التي تجاوزت أكثر من ربع قرن من الجد والمثابرة، وفتح الآفاق بالرؤى الفكرية المتجددة والمواضيع الحيوية التي تواكب المتغيرات الإقليمية والدولية الحديثة، وتقديم أفضل العروض الحرفية والفنون الشعبية للجمهور الكريم والمحافظة على هوية النشاط التراثي ونقله للأجيال كموروث شعبي يجب المحافظة عليه. يستضيف المهرجان كل عام إحدى الدول العربية أو الأجنبية، لتقدم تراثها التاريخي والأدبي والثقافي، وتكون هذه الدولة محوراً مهماً من محاور المهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي يعتبر من أهم التظاهرات الثقافية في المنطقة العربية وله دور بارز في تعريف العالم بنا وبتراثنا، وثقافتنا، فما تقدمه الأنشطة المنبرية التي تقام كل عام تتسم بالقوة والجدية في الطرح، وبالجزالة في المعنى. والدول التي تحل ضيوفاً على المهرجان تقدم نماذج جميلة من تراثها وثقافتها. وهذا العام، الدولة الضيف للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته التاسعة والعشرين ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛ حيث تأتي امتداداً لنشاطات المهرجان الوطني في المشاركة في مجال التراث الوطني وهي فرصة للأشقاء في دولة الإمارات لتقديم موروثهم الشعبي وتعريف الجمهور الكريم على التراث الإماراتي الغني بكثير من الصور والألوان الجاذبة، بالإضافة إلى المشاركات المتميزة من دول مجلس التعاون الخليجي الكويت وقطر وعمان والبحرين. تأتي البرامج المصاحبة للمهرجان قوية كالعادة، ومتوائمة مع الأحداث الجديدة في عالمنا العربي والإسلامي لتنقل صورة حية لمتابعي الحراك الثقافي في الداخل والخارج، فالجدول الثقافي زاخر بالأنشطة النوعية، فضلا عن مسابقة القرآن الكريم والعروض المسرحية والفنية، فإن برنامج الفعاليات حافل بالأمسيات الشعرية والندوات الفكرية والمحاضرات الثقافية التي تناقش متغيرات الوطن العربي والإسلامي، والتركيز على الأمن القومي العربي، والتحديات الجديدة التي تفتح أبواباً واسعة على الثقافة والأدب والفكر الحديث الذي يواجهه العرب والمسلمون في الوقت الحالي، متمنياً أن يحظى الشباب بنصيب الأسد من هذه البرامج، وأن تكون هي الفئة المستهدفة الأكثر حظاً وحضوراً لفعاليات الجنادرية. فالمهرجان الوطني خلال مسيرته الطويلة عكس انطباعاً جميلاً، وصورة مشرفة عن مملكتنا الغالية، وما تحمله في ثناياها من تراث عربي أصيل بثرائه وتنوعه، فعلى مدار ثلاثة أسابيع، يقدم المهرجان الوطني البرامج الرسمية الثقافية المتنوعة بين التراث والأدب والثقافة واستضافة إحدى الدول لتقدم لنا برامج للتعريف بها وبتراثها الإنساني، فضلا عما تقدمه القرى التراثية السعودية من برامج وفعاليات ثقافية وسياحية وترفيهية، تنقل صورة مصغرة عن التراث الأصيل للمناطق والمحافظات والقرى في جميع أنحاء المملكة وكافة أرجاء الجزيرة العربية، كل ذلك جميل ورائع، ويقدم خدمات جليلة في التراث والثقافة لا ينساها الزمن. وكما قلت في فترة سابقة إنني أحرص على فئة الشباب وأتمنى أن يركز المهرجان الوطني في خططه القادمة على هذه الفئة؛ فهم أولى وأحق من غيرهم نظراً لمكانة المهرجان العظيمة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، فإننا نتمنى من القائمين على إعداد البرامج الثقافية كلما وضعوا في حسابهم المتغيرات الجديدة، أن يتم التركيز على فئة الشباب من الجنسين؛ فهم عدة الوطن وهم عماد المستقبل، وهم السواعد التي نعول عليها في استمرار البناء والنماء، فبالهمم العالية تعلو مكانة المجتمعات، وبصلاح الشباب ترتقي وتستقيم الحياة، وعلى العكس فإن عدم الاهتمام بالشباب يجعل المجتمع في فوضى عارمة، ويشيع الجهل، وتكثر فيه الانحرافات والأمراض النفسية. ولم لا يكون المهرجان الوطني من أهم الحاضنات الاستراتيجية لطاقات الشباب ومواهبهم؟ هذه الطاقات التي ستسهم بلا شك في دفع حراك عجلة التنمية الفكرية والثقافية والاجتماعية في الوطن العربي، فإشراكهم في البرامج المعرفية وإثراء معارفهم واجب وطني وإنساني، وضخ أكبر قدر في عقولهم من ميراثهم الشعبي يعزز حضورهم في المشهد الثقافي ويجعلهم على تواصل دائم مع تراثهم الإنساني الكبير والعظيم، وإشراكهم في الأمسيات الشعرية، والثقافية مع الرواد -ليستفيدوا من خبراتهم وتجاربهم- مطلب حضاري؛ ليستمر العطاء والبناء وهم على اتصال حقيقي وامتداد متواصل مع هذه الجسور الممتدة والمتصلة بين الماضي والحاضر لثقافة الوطن. الإيوان الثقافي بإشراف الأستاذ فالح العنزي وإدارة الإعلامي محمد عابس كان تجربة جديدة انطلقت في دورة المهرجان الوطني الموسم الماضي على هامش البرنامج الثقافي، فهل يستمر الإيوان في الموسم الحالي؟ هذا ما نأمله من فريق العمل المشرف على خدمة الضيوف في مقر إقامتهم، وكل عامٍ والجنادرية بخير.