×
محافظة المنطقة الشرقية

تفحم سائق شاحنة محملة بالبنزين في (كباري الدمام)

صورة الخبر

مشكلة الإعلام المفتوح أنه لا يسمح للناس هضم القضايا التي ألمت بهم. ما أن تندلع قضية حتى تخمدها قضية أخرى. لكن حقيقة الأمر أن المجتمع السعودي مجتمع كبير ومعقد ومليء بالمشاكل، تم تسطيحه في أذهاننا في زمن الإعلام المنطوي على نفسه الذي عشناه في العقود الماضية حتى ظننا في يوم مضى أن الناس متطابقون متساوون في الطيبة الملائكية. وكانت كلمة (وهم قلة ولله الحمد في مجتمعنا) هي الغطاء السريع لما يتسرب من أحداث تثبت أننا نشبه العالم في كل شيء. يسارع المسؤول والصحفي والكاتب إلى ادانة ما حصل ثم يختم حديثه بهذه المقولة ليغلق الباب على أي مساءلة تريد أن تبحث هذه القضية. السرعة في تلاحق الأحداث ونشرها كما هي بدأت تخالف مفهوم (وهم قله ولله الحمد). هذا الانقلاب بقدر ما ساعد على إعادة الناس إلى وضعهم الإنساني الطبيعي سبب مشكلة جديدة. ظهر كثير من المتشائمين الذين يظنون أن الزمان خرب وفسد ويدللون على ذلك بالأحداث السلبية التي لا تريد أن تكف عن الظهور. ألاحظ أن حكم بعض الناس على الأحداث أو الأشخاص المشتركين في الأحداث ينتسب لزمن (وهم قلة ولله الحمد) فتأتي آراؤهم عنيفة وإقصائية وعنصرية في بعض الأحيان. كأن لسان حالهم يقول طالما أن مرتكبي هذه الأحداث قلة فيجب بترهم ليعود المجتمع بسرعة إلى ملائكيته. لم تتطور في أذهاننا بعد حس العدالة وأن لكل جريمة عقابا محددا أو هكذا يجب أن يكون. اعتدنا على سماع وقراءة (السيف الأملح يا جماعة) (شهروا به) (سفروه) وحتى عندما تصدر أحكام اقل من الإعدام لا تشعر أن هناك ارتياحا في كثير من التعليقات والآراء بل خيبة أمل. لكني اراهن على الزمن. مع الوقت سوف يتدرب الناس على ترك الحكم للقضاء. لا يهمني في هذا المقام سوى عقوبة التشهير. كأنما أصبحت هذه العقوبة مطلبا شعبيا. عندما يرتكب تاجر جريمة غش أو حتى رفع الأسعار تهب على الفور كلمة تشهير كأنها العقوبة الوحيدة المتوفرة في أنظمة وزارة التجارة. عقوبة التشهير وخصوصا في مجتمع عائلي وقبلي من العقوبات العظمى. عقوبة لا يمكن الرجوع عنها كقطع اليد والإعدام. لا أعرف ما الذي يمكن أن يحدث للإنسان إذا تم فضحه قد يصبح منبوذا من الناس ومحتقرا. وفي بعض الأحيان أحس ألا قيمة لها ولا تأثير. نعرف أسماء مسؤولين وتجار ودعاة انفضحوا ولم تتأثر مكانتهم في المجتمع. أقرب الظن أن مفهوم الفضيحة يتعلق بالشرف المتعلق بالجنس. كما تلاحظ أن كلمة التشهير تقابلها في أذهاننا كلمة الستر. وكلمة الستر تكاد لا تغطي أكثر من الفضيحة المتعلقة بالممارسة الشخصية المرتبطة بالشرف بمفهومه التقليدي. الجريمة الوحيدة التي أؤيد فيها التشهير هي جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال. اشتهاء الأطفال مرض خطير. التشهير بمرتكبها لا يدخل في باب الانتقام ولكنه من أفضل وسائل الحماية. بالتشهير يتم اقصاء هذا المريض عن الأماكن التي يمكن أن يتواجد فيها أطفال. هذا ليس رأيي. هذا يحدث في كثير من بلاد الغرب. يتوجب تعميم صورة المعتدي واسمه وكامل موصفاته على كل الأجهزة والأماكن التي يمكن أن يؤمها أطفال وأن يمنع من العمل فيها. كالمدارس وأماكن الألعاب والمستشفيات. علينا أن نرفع درجة حماية الطفل إلى أقصى الدرجات. فالطفل هو أضعف حلقة في دورة الإنسان في الحياة.