احتفل العالم بالأمس بيوم الشباب الدولي، الذي يوافق 12 أغسطس من كل عام، وفي هذا اليوم فرصة تنتهزها منظمات الأمم المتحدة وشركاؤها؛ لتأكيد أهمية دور الشباب في الجهود الرامية لتحقيق التنمية المستدامة، وضرورة استثمار طاقات الشباب وحماسهم وإبداعاتهم. لكن هذه الشعارات الأنيقة التي تطلق في مثل هذه المناسبات العالمية، تتطلب بداهة أن تكون علاقتنا بهم قائمة على تواصل منفتح، فهل يتوافر لدينا هذا التواصل؟ هناك مشكلة تمس قطاعا عريضا من الشباب والمراهقين من جراء غياب التواصل وانقطاع الحوار أو الانسحاب، وهذا يعني ضياع مفتاح التغيير الهادف والتحفيز في حياة الشباب. ولكي نوفر الأجواء المناسبة للتواصل؛ علينا أن نمارس الإجراءات التالية: 1- التصريح بالحب: إعلان المحبة لأولادنا ضروري كالغذاء، ولا سيما عندما نريد إرشادهم إلى خير. وهذا يعني أنه لا بد قبل طرح القواعد والإرشادات من أن يسعى الأبوان إلى ترسيخ علاقة حقيقية مع أبنائهما. واستمع إلى هذا الموقف الذي رواه معاذ -رضي الله عنه- حيث أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، ثم أوصيك يا معاذ لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول: «اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» [صحيح الجامع رقم 7969]. قد تستفزنا أخطاء الشباب المتكررة، لا سيما المراهقين منهم، فنندفع إلى أن نعرب تصريحا أو تلميحا عن بغضنا لهم، ونطلب منهم الابتعاد عنا، وهذا مسلك انفعالي يأتي على حساب ضمور العلاقة وتآكل المودة، إن نوبات الغضب تصيب الجميع، ولكن التعبير البناء عنها يساعد في تجنب آثارها التدميرية على المشاعر، علينا أن نقول لولدنا المخطئ: (أحبك لكني أكره تصرفك هذا). 2- التوقع الإيجابي: إن إبرازك للتوقعات الإيجابية تجاه ولدك له أثره في تنمية التقدير الذاتي لنفسه، وتثبت الأبحاث تأثير ذلك في حفز الشاب على محاولات جادة لعمل ما توقعته منه، وانظر هذه المثال النبوي: يرويه شاهد عيان وهو أبو بكرة -رضي الله عنه-، قال: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ مَعَهُ..، وَيَقُولُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ.». [صحيح الجامع 1528]. 3- الحوار الفعال: الحوار أسلوب راق في التفاهم، لكنه يكون صعبا في حال المطالب المتكلفة أو الغريبة لأولادنا، وقد رأينا الموقف النبوي من الشاب الذي قال: «يا رسول الله: ائذن لي بالزنى»، ومع ذلك حاوره النبي -صلى الله عليه وسلم- من خلال سؤاله «أتحبه لأمك؟ لأختك؟»... والشاب يقول لا لا جعلني الله فداك، ودعا له النبي قائلا «اللهم اغفر ذنبه وطهِّر قلبَه وحصِّن فرجَه» [مسند أحمد رقم: 21708]. 4- تقديم القدوة الحسنة: مما يقوى التواصل ألا يتناقض قول الأبوين مع أفعالهما، ومن مواقف القدوة ما يرويه معاوية بن قُرَّة عن عمه: «كنت مع مَعْقل المُزَنِي رضي الله عنه في بعض الطرقات فمررنا بأذى فأماطه أو نحاه عن الطريق فرأيت مثله فأخذته فنحيته فأخذ بيدي وقال يا ابن أخي ما حملك على ما صنعت قلت يا عم رأيتك صنعت شيئاً فصنعت مثله، فقال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أماط أذى عن طريق المسلمين كتبت له حسنة، ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة» [صحيح الأدب المفرد رقم 641/593] 4- استثمار التقنية: أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي سلاحا ذا حدين، فقد تدعم العلاقات الأسرية أو تتسبب في خلافات أسرية ونشر للشائعات وإضاعة للوقت. وبوسعنا أن نستثمر الجوانب الإيجابية لهذه المواقع، وخصوصا الواتساب «WhatsApp» لسهولة استخدامه حيث يتيح لأفراد الأسرة الواحدة التواصل داخل مجموعة واحدة بخصوصية تامة، لا سيما في حال البعد والسفر. 5- تخصيص وقت كاف للشباب: أعظم مشروع في حياتنا شاب ناجح، وهذا يتطلب وقتا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- جلس مع وفد من الشباب عشرين يوما للتعليم والإرشاد ففي البخاري عن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه قال: «أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا.. قَالَ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ..».[البخاري في الأذان برقم 631] هذه الخطوات من الأبوين ينبغي أن تقابل بتفاعل إيجابي من الشباب، فسددوا وقاربوا يرحمكم الله.