في قضية حلب وحصارها وتقسيمها نتذكر برلين عام 1949 وحصارها وتقسيمها بين الحلفاء الاربعة المنتصرين, واصرار ستالين على مطالبه في اعطاء الاتحاد السوفياتي وضعاً خاصاً على برلين.. فقد اغلق السكك الحديدية والاوتوبانات التي توصل المانيا الغربية بها. وقتها حتى ستالين وجبروته وضع حساباته في حدود الممكن, فترك للطائرات الاميركية أن تكسر الحصار, وتوصل اربعة ملايين الماني في برلين, بمناطق الاحتلال الاميركي - البريطاني - الفرنسي.. وانفض السامر وعادت الحياة الى طبيعتها بعد أن ادرك ان موسكو لو تربح من قرارها!! حلب الان اشبه ببرلين لكن بوتين اقسى من ستالين, والظاهر ان هذه القسوة لا يقف في وجهها حلفاء الغرب الذين جعلوا من حرية برلين وقتها هي الحد الفاصل بين الحرب والسلام. ولعلنا نتذكر خطاب الرئيس الاميركي لدى زيارته برلين وخاطب الجموع المحتشدة لتحيته: انا برلينياً.. أنا من برلين. لا أحد الان في واشنطن ولندن وباريس يقول لاهل حلب: أنا حلبي.. أنا من حلب، ولا طيران غربي يكسر الحصار ويوصل الخبز والماء الى مليوني حلبي، ولا احد يوقف قصف المدينة بالطيران الروسي منذ سنوات. لم تكن المانيا، وقتها، إلا كياناً محتلاً يديره ضباط الجيوش المنتصرة، وتتقاسمه مواقع الحرب كما انتهت عام 1945، ومع ان سوريا محتلة من داخلها، ومن حلفاء النظام السوري، ومسيطر عليها من القوى الاقليمية المجاورة، فان حدود الحرب الاهلية غير واضحة، والمتحاربون في متاريس متحركة، فإن احدا لا يضع صيغة للصدام كما فعل ستالين وروزفييلت وتشرشل، فللحرب صيغ تعارف عليها متحاربو العالم في الحرب الاولى والثانية. ولما بعد الحرب صيغها، لكن الذين بيدهم صنع الحرب وصنع السلام لم يعودوا الى تاريخ عظمائهم. لا يفهم احد لماذا قصة الساعات الثلاث للهدنة في حلب كما طرحها بوتين، وهو يعرف انها ليست كافية لحركة شاحنات تحمل الغذاء والدواء والماء لملايين الناس الذين تقسمهم خطوط القتال بين نظام متهافت وحلفاء مرتزقة، وأناس يرفضون نظاما سياسيا فاشلا ودمويا ولكنهم يتعاملون بالارهاب والحقد والغضب وسطوته المال. هل ان الساعات الثلاث هي غسل يدي بوتين من دم الحلبيين؟ ام انها تعرض نوعاً اوسع من الهدنة؟ الكل كان يقول الكلمتين الساحرتين: ثلاث ساعات لا تكفي، واثبت الواقع ان قصة الهدنة لم تصل الى المتحاربين، ومعنى ذلك ان الثلاث ساعات غير واردة، فكيف تُمرُّ شاحنات الامم المتحدة وسط النار والحرائق والقصف وغاز الكلور؟ نفاضل بين حصار برلين وحصار حلب، ونكشف ان العالم يتعامل معنا.. بما نستحق: فمن هو العربي الذي يتصور حياة اربعة ملايين سوري يعيش في العراء خارج وطنه او يتصدر حياة اثني عشر مليون سوري يعيشون في سوريا خارج بيوتهم وقراهم ومدنهم؟ لا احد يحترم حتى موتنا.. لأننا لا نحترم انفسنا. الراي