حولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني جادة سوق عكاظ إلى أهم الفعاليات التي تقدم الدعم للحرفيين الذين قدموا من مختلف مناطق المملكة من أجل تقديم ما طرزته وعملته أياديهم، فالعشرات من الحرفيين الذين غصت بهم جنبات الجادة أعادوا للجادة رونقها، فالسوق الذي كان يباع فيه الكثير من المنتجات سابقاً، أعاد التاريخ كتابته مرة أخرى وأصبح يزدان بهم، والذي تنوعت مشاربه وفنونه ما بين المنحوتات الخشبية وحياكة السدو وكذلك المشغولات بالخط العربي، والتي جسدت القدرات العالية لما يمتلكه الحرفيون، والتي لاقت استحسان الجمهور بشكل كبير بالاقتناء أو على أقل التقدير بالثناء. لم تمنع نعومة أنامل منى من قص الأخشاب وتحويلها لمجسمات جمالية وحروف خشبية بطريقة فنية تجذب المتسوق، منى تعرض إنتاجها في جادة سوق عكاظ وتقوم بقص الأخشاب بالمنشار الكهربائي أمام الزوار، تطلي إنتاجها وتدق المسامير وتطوع الخشب ليكون تحفاً جمالية، تقول إن كل ما تستخدمة بأدوات في منزلها تعمل منذ 4 سنوات، حيث تصنع الأسماء والمقاعد الصغيرة والدواليب بيدها، تجد إقبالاً كبيراً من السيدات تسوق لإنتاجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتبادر للمشاركة بالمهرجانات حيث إنها تجد سوقاً مناسباً فيها. ناصر مطلق يقف حوله الزوار على نغمات المطرقة التي تحول الأخشاب لعلب جمالية، يصنع الصناديق والمباخر بيده، يعمل منذ 3 سنوات ويجد قوتاً بحرفة يده، يحث الشباب على هذه الأعمال ويشكر من دعمه وسانده. أما زكريا عبدالهادي المعلم مند 25 عاماً فيقول إنه احترف النجارة ليحافظ على التراث الحجازي، وإنه تشكيلي، وأحب العمل كثيراً مع آلاته ومكائنه، ويمارس عمله على جادة عكاظ يصنع الرواشين والأربكس وهي العمارة الحجازية القديمة, ويستفيد من بقايا الخشب بصناعة الرفوف والدواليب. ويضيف: "أعمل بيدي لأقول للعالم إن السعودي يستطيع أن يطوع كل شيء بيده ويحافظ على موروثه ويكسب قوته"، يعمل على صناعة السبح من الأخشاب بشكل جمالي يمتهن النجارة منذ 14 عاماً, يرحب بأي شاب يريد أن يتعلم ذلك. أما صالح الصالحي فينحت من الخشب مجسمات جمالية ومميزة كتحف فنية نادرة، نحت لوحة تحاكي عاصفة الحزم وأخرى عودة الأمل ورعد الشمال، طوع أغصان الشجر ليحولها لمجسمات جمالية، يقول صالح إن العمل الواحد متعب للغاية فهو يستغرق منه شهراً كاملاً، صالح يعمل مدرباً بالكلية التقنية، وهو فنان تشكيلي طوع خبرته ومهنته ليقدم حرفة للمستهلك من طراز مختلف ونادر. في أحد الأركان المخصصة للحرف اليدوية بجادة سوق عكاظ يكثر الزوار، ويقف المتجولون عند الحرفية نوير شباب الجعيد صانعة السدو التي ورثت حرفتها من عائلتها التي كانت تعمل في مهنة السدو قديماً، وتعتبر صناعة السدو من الصناعات التقليدية القديمة، والسدو عبارة عن نسيج من الصوف له استخدامات متعددة، وهو العنصر الأساسي في تكوين بيوت الشعر التي تعتبر مساكن متنقلة لهم. وتعبر هذه البيوت عن اختيار نابع من ظروف البيئة والحياة التي يعيشها الناس قديماً، وأبرزت الحرفية نوير موهبتها في حرفة السدو، وتتفنن في زخرفة ونقش السدو بنقوش كثيفة عبارة عن رموز ومعان مختلفة، كما يتميز السدو بألوانه الزاهية المتنوعة وزخارفه الجميلة التي لها أيضاً دلالات اجتماعية مختلفة. وتقول نوير إن بدايتها في هذه الحرفة منذ سنوات طوال؛ فكانت بداية عروضها لمنسوجاتها في الفعاليات والمهرجانات داخل مدينة الطائف وخارجها.\ وعن طريقة صناعتها تقول: أبدأ بنسجه يدوياً عبر غزل الخيوط، بعدها بآلة الوتد ثم بطيه عبر آلة اسمها المنقادة وتثبيتة بالمنشاص، مبينة أنها تستمتع بهذا الفن الجميل. وتوضح نوير الجعيد أن أدوات صناعتها من صوف الغنم ووبر الإبل والصوف الصناعي، وتعتبر مشروعها قصة نجاح احترفت العمل فيه، موضحة بأنها شاركت في العديد من الفعاليات ومنها مهرجان الجنادرية كل عام، وكذلك سوق عكاظ وسوق الأسر المنتجة بالباحة وخيمة التسوق بالطائف وغيرها من المهرجانات، ومعرض هيئة السياحة والتراث الوطني. مثمنة دعم هيئة السياحة والتراث الوطني للحرف اليدوية في جميع مناطق المملكة. تقدم عفاف عبدالله في ركنها الواقع في جادة سوق عكاظ لوحات للخط العربي والفن التشكيلي، لاسيما الخط بأنواعه كالنسخ والحروف العشوائية والكوفي والثلث، مؤكدة أن الإقبال الذي سجله جناحها جعلها تهم بتوسعة مشاركتها في النسخ المقبلة، لاسيما وأنها تجد رواجاً لأعمالها التي أثارت جدلاً على أفكارها والتي تتراوح قيمتها ما بين ٣٠٠ إلى ٥٠٠ ريال، وهو سعر تعتبره مناسباً لمشغولات تمت يدوياً، وقدمت عفاف شكرها لهيئة السياحة على الجهود التي قاموا بها وتسهيل المشاركات، وتذليل كل الصعاب. أما الحرفية هيفاء بخاري فقد وظفت الخط العربي وأخذت عليه إضافات بحيث إنه يصبح بصبغة حديثة، كما فعلت ببعض الأواني الفخارية والزجاجية، مشيرة إلى أن من يقدر العمل اليدوي لن يجد بداً من الشراء من أعمالها التي تتراوح ما بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ للأواني، ومن ٥٠٠ إلى ٣٠٠٠ للوحات، مشيرة إلى أن الخط العربي واستخدامه في الحرف استخدم منذ مئات السنين ونجده في الكثير من المشغولات العربية القديمة. إيمان المنصوري وصباح القرشي ابتكرتا بإدخال الفن التشكيلي على أعمال خط الثلث باستخدام جلد طبيعي، ووجدت إقبالاً على اقتناء تلك الأعمال التي تحظى أيضاً بأسعار مناسبة. الفنانة التشكيلية الحرفية فاطمة الداخل قالت إن الحرف تجميع وتجسيد مع الخياطة والرسم والتركيب باستعمال الخشب والجبس والبلاستيك مع استخدامات الخط كخلفية رسم وتركيب الكريستال على الآيات القرآنية الكريمة. أما عباس بن مجداد فارتحل من الأحساء لإثراء الخط العربي واهتمام الناس وتعريفهم، لاسيما الأعمال الكلاسيكية المتخصصة التي تشارك في مسابقات ومعارض دولية، فضلاً عن تقديم الأسماء والعبارات التي يرغب بها الزوار حتى ينمو لديهم الاهتمام بالخط.