رماح الدلقموني تمثل الإعلانات مصدر العائدات الأكبر لشركات التواصل الاجتماعي، وعليها يستند نجاحها ويتحقق رضا المستثمرين وترتفع أسهمهما أو تهبط، لكن هذه الإعلانات من ناحية أخرى تسبب إزعاجا للمستخدمين الذين باتوا يبحثون عن حلول لمنع ظهورها. ويعد برنامجا "آد بلوك" و"آد بلوك بلس" أحد أبرز الحلول، لدرجة أنهما أصبحا كالشوكة التي تقف في حلق المعلنين. يعمل هذان البرنامجان كإضافات لمتصفحات الإنترنت المختلفة لحواسيب سطح المكتب، والتي عند تفعيلها تحجب الإعلانات التي تظهر قسرا أمام المستخدمين عند تصفح المواقع الإلكترونية. ويتوفر هذان البرنامجان لمتصفحات غوغل كروم وفايرفوكس وإنترنت إكسبلورر وسفاري وأوبرا وإيدج الخاص بويندوز 10. ويستخدم إضافات منع الإعلانات نحو 198 مليون شخص حول العالم، وتشير مصادر أخرى إلى أن 26% من مستخدمي الإنترنت يستخدمونها، الأمر الذي ينعكس سلبا -بطبيعة الحال- على المعلنين وشبكات التواصل الاجتماعي التي تستفيد بدورها من الإعلانات. هذا الأمر قاد إلى ما يشبه الصراع بين شركات التواصل وعلى رأسها فيسبوك التي تشكل الإعلانات مصدر دخلها الرئيسي وإيراداتها تعتبر انعكاسا لنجاح شبكتها، وبين شركات تطوير أدوات حجب الإعلانات."فيسبوك أكدت أنها ستواصل إظهار الإعلانات على نسخة سطح المكتب من موقعها للمستخدمين الذين يستعملون حاليا برامج حجب الإعلانات" إقراروتقر فيسبوك بوجود إعلانات مزعجة تظهر أمام المستخدم وتحجب النص أحيانا ولا تكون على صلة باهتماماته وتدفعه إلى استخدام برامج حجب الإعلانات لقمعها، لكنها تؤكد مع ذلك أنها لا تستطيع التخلي عن إظهار الإعلانات لأنها -حسب رأيها- عندما تكون ذات صلة باهتمامات المستخدمين ومعدة بشكل جيد فإنها تكون مفيدة وتساعد في العثور على منتجات وخدمات جديدة وتوجه المستخدمين نحو تجارب جديدة. لذلك أعلنت يوم 9 أغسطس/آب الجاري أنها ستمنح المستخدمين -في تحديث جديد لخدمتها- أدوات أقوى للتحكم في ظهور الإعلانات على موقع فيسبوك، مقارنة مع مجموعة بسيطة من الخيارات الحالية التي يمكن الوصول إليها بالنقر على الزاوية اليمنى العليا من الإعلان. لكن فيسبوك التي تملك 1.7 مليار مستخدم نشط في شبكتها، أكدت من ناحية أخرى أنها ستواصل إظهار الإعلانات على نسخة سطح المكتب من موقعها للمستخدمين الذين يستعملون حاليا برامج حجب الإعلانات. وبررت ذلك بأن بعض شركات حجب الإعلانات يتم الدفع لها مقابل إظهار إعلانات كانت حجبتها في السابق، الأمر الذي يسبب إرباكا للناس ويقلل من التمويل الضروري لدعم الخدمات المجانية التي يعتبر فيسبوك واحدا منها، وقالت إنه بدلا من الدفع لهذه الشركات من أجل السماح بإظهار إعلانات كانت تظهر أصلا، فإن فيسبوك قررت منح المستخدمين السيطرة في التحديث الجديد لخدمتها."أكدت آيو أن كل هذا الاهتمام من فيسبوك يظهر أن حجب الإعلانات حقق نجاحا كبيرا، وأن الشركات وراء هذه التقنية باتت مستعدة للمواجهة الكبرى" خطوة مؤسفةهذا الموقف ردت عليه شركة آيو الألمانية المطورة لبرنامج "آد بلوك بلس"، وقالت إن تصرف فيسبوك يمثل "خطوة مؤسفة لأنه يسلك طريقا مظلما ضد اختيار المستخدم". وأضافت أنه يجب أن تتاح للمستخدمين حرية اختيار ما يريدون حجبه، وأنه كان من الأفضل لو أن فيسبوك استشارت مستخدمي برامج حجب الإعلانات بدلا من تنحية تلك البرامج جانبا، مؤكدة أنها ستواصل دورها في حجب الإعلانات رغم محاولات فيسبوك. وأكدت آيو أن كل هذا الاهتمام من فيسبوك يظهر أن حجب الإعلانات حقق نجاحا كبيرا، وأن الشركات التي وراء هذه التقنية باتت مستعدة للمواجهة الكبرى، حسب تعبيرها. لكن الشركة الألمانية أغفلت الرد على تصريح فيسبوك المتعلق بما يسمى "القائمة البيضاء" للمعلنين، وهم الذين يدفعون لشركات حجب الإعلانات -وشركة آيو واحدة منها- مقابل استثناء إعلاناتهم من الحجب في برنامجها. ورغم حالة الصراع الظاهرة هذه فإنها في كافة الأحوال تصب في صالح المستخدمين، فنجاح شركات حجب الإعلانات دفع فيسبوك إلى تطوير أدوات تمنح المستخدمين سيطرة أكبر للتحكم بما يرونه من إعلانات أثناء استخدامهم موقعها، وفي المقابل ستواصل الشركات المطورة لتلك البرامج منح برامجها قوة أكبر لحجب الإعلانات.