×
محافظة المنطقة الشرقية

طيران ناس تضيف وجهة ثالثة من السعودية إلى السودان

صورة الخبر

أُتيح لي أن أدخل مطبخ الاتحاد العام للصحفيين العرب ثلاث مرات. ومطبخ الاتحاد لا يُعِدّ وجبات غذائية، ولكنه يُعِدّ مؤتمرات واجتماعات وبيانات ومواقف. المرة الأولى حين تشرفت بعضوية أمانته العامة للسنوات 2000 – 2004م. والمرة الثانية حين كُلفت من قبل الاتحاد بإعداد كتاب وثائقي لمناسبة مرور أربعين عاماً على تأسيس هذه المنظمة القومية المجاهدة في سبيل حرية الكلمة وحماية الصحفيين. وها أنا أدخل مطبخ الاتحاد مرة ثالثة لإعداد كتاب احتفالي في اليوبيل الذهبي للاتحاد العام للصحفيين العرب الذي يوافق هذا العام. اكتشفت وأنا أقلب الأوراق القديمة للاتحاد إنه تأسس استجابة لدعوة من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خلال مؤتمر القمة العربية الأول في يناير «كانون الثاني» 1964م حين قال: «لقد جاء دور المثقفين لتوحيد القاعدة الجماهيرية بتشكيل اتحاداتهم المهنية لصيانة وحدة القاعدة الشعبية العربية من خلافات الأنظمة مستقبلاً». وقد أشار إلى هذا النص الأستاذ الصحفي العراقي سجاد الغازي الأمين العام الأسبق للاتحاد وأحد مؤسسيه البارزين. ومثلما كان الاتحاد في قلب العواصف السياسية التي مر بها الوطن العربي في العقود الأخيرة، منارة للحرية والمسؤولية الوطنية والقومية، كان البيت الآمن والأمين للصحفيين العرب، مدافعاً باسلاً عن قضاياهم وآمالهم. كان الاتحاد، وسيظل، مهموماً بقضايا الحرية والفكر المستنير، متصدياً بشجاعة المقاومة الذاتية، المنفتحة على المستقبل وإعلام الفضاءات المفتوحة، متصدياً لمحاولات مصادرة الحريات وانتهاك حقوق الإنسان في التعبير والتفكير، رافضاً أي مساومات في مبدأ الحرية وتحويلها إلى مجرد هامش. فالحرية هي أصل الحضارات ومناخ الإبداع ورئة الحياة. في العيد الذهبي للاتحاد، بمرور خمسين عاماً على تأسيسه، من حق الصحفيين العرب المنضوين تحت لواء هذه المنظمة، أن يفخروا بأن اتحادهم صار قامة كبيرة بين المنظمات العالمية غير الحكومية. وهي مسؤولية كبيرة تتحملها كوكبة الصحفيين العرب الذين يتولون اليوم زمام قيادة الاتحاد في هذه الظروف العصيبة التي تهدد أوطاننا بالتقسيم والتشظي والحروب الأهلية والنعرات الطائفية والعنصرية. وما يقال عن هذا الدور المهني يقال أيضاً عن كل الاتحادات المهنية العربية التي حافظت، بقدر ما تستطيع، على وحدة الأمة وحضارتها وانتسابها إلى هذا العصر. بين أكداس الوثائق والمحاضر والصور والخطابات والمراسلات في مطبخ الاتحاد المسمى «الأرشيف» وجدت أسماء لامعة في الصحافة والثقافة والسياسة تولت في تواريخ مختلفة سابقة قيادة الاتحاد، أو عضوية لجانه، أو مكاتب مستشاريه. ووجدت مناسباً أن أشير إلى أسماء بعض تلك الشخصيات لتعرف الأجيال الجديدة من الصحفيين العرب قيمة ورمزية ومكانة الاتحاد العام للصحفيين العرب، سابقاً، وحاضراً، ولاحقاً: الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الصحفي والروائي المصري الراحل عبد المنعم الصاوي، الشاعر السوري الراحل سليمان العيسى، الشاعر السوري الراحل نزار قباني، السياسي والزعيم اللبناني الراحل كمال جنبلاط، الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري، الصحفي والسياسي العراقي السجين طارق عزيز، الروائي والمفكر والصحفي المصري عبدالرحمن الشرقاوي، السياسي والصحفي الكويتي الراحل سامي أحمد المنيس، الشاعر اليماني الراحل عبدالله البردوني، السياسي والصحفي المغربي عبدالرحمن اليوسفي، الشاعر والمناضل الفلسطيني الراحل ناجي علوش، الصحفي والسياسي والدبلوماسي اللبناني الراحل غسان تويني، الأديب والناقد المصري الراحل لويس عوض، الصحفي العراقي الرائد سجاد الغازي، السياسي والصحفي والمناضل الفلسطيني الراحل شفيق الحوت. والقائمة طويلة وعريضة ولا يتسع المجال هنا للإشارة إليها كلها، وجميعهم أسهموا وشاركوا في مسيرة الاتحاد الحافلة. وأود أن أشير هنا إلى أن لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي يمثل وفده في اجتماعات الاتحاد العام للصحفيين العرب نقابتين صحفيتين؛ الأولى هي نقابة أصحاب الصحف، والثانية هي نقابة المحررين. ولم يسمح الاتحاد بتكرار هذه الحالة في أي بلد عربي آخر، وتسببت هذه الإشكالية في عثرات نقابية في بعض الدول العربية مثل الجزائر وموريتانيا، حيث هناك أكثر من تنظيم نقابي يدعي أنه يمتلك «الشرعية» على غرار ما يفعله الرئيس المصري المعزول محمد مرسي! قد لا يعلم كثيرون أن الكويت كانت حاضنة المؤتمر الأول لاتحاد الصحفيين العرب في عام 1965م بعد أن شهدت القاهرة في عام 1964م المؤتمر التأسيسي للاتحاد. ومن المفرح أن معظم دول الخليج العربي ممثلة اليوم بتنظيمات نقابية في الاتحاد، بل يتولى رئاسته الأستاذ الفاضل والشهم والدمث الصحفي الكويتي أحمد يوسف بهبهاني.