×
محافظة المنطقة الشرقية

السبيعي مدير كرة النجوم : بداية المشوار صعب وسنواجه خصم عنيد

صورة الخبر

بعد سنوات عديدة ظل اسم ليبيا يظهر خلالها في وسائل الإعلام العالمية مرتبطا بصور الفوضى والاضطرابات الدامية المزمنة، أصبح الآن مصير هذه الدولة المضطربة والمهددة في يد حكومة وليدة. هذه الحكومة لا تحظى بدعم الأغلبية في البرلمان الليبي، كما أنها تواجه معضلة في ظل وجود حكومة مناوئة لها في شرق ليبيا تتمسك بادعاء سلطتها على الاحتياطي المالي الكبير للبلاد وكذلك على قطاع النفط الغني. وصلت الحكومة الجديدة إلى دولة تسيطر عليها المليشيات المسلحة وأرض تحولت إلى نقطة انطلاق لآلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين يبحثون عن بصيص أمل في اللجوء إلى أوروبا والاستمتاع بمستقبل مزدهر. لكن التحدي الأكبر الذي ينتظر الحكومة الجديدة موجود في مدينة سرت الساحلية وسط ليبيا والتي أصبحت معقلا لتنظيم داعش الإرهابي في هذه البلاد. وقد تسلل التنظيم الإرهابي من سوريا والعراق إلى شمال إفريقيا وتمكن من الاستيلاء على مساحات كبيرة من ليبيا التي اصبحت أحدث قواعده التي يسعى من خلالها إلى نشر الإرهاب في الغرب. ليس من السهل المبالغة في الثقة في الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء فايز السراج خاصة وأنها لم تخضع للاختبار حتى الآن. ورغم ذلك فإن هذه الحكومة تمثل أفضل فرصة لعودة الاستقرار وتقليل التوتر وتعزيز جهود مكافحة داعش في ليبيا. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الاتفاق مع 20 دولة أخرى على تمهيد الأرض أمام تسليح وتجهيز الحكومة الليبية الجديدة في حربها ضد التنظيم الإرهابي. وكجزء من الاتفاق سيؤيد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الطلب الذي تقدمت به الحكومة الليبية الجديدة إلى الأمم المتحدة لاستثنائها من الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا. وسيتيح هذا الاستثناء للقوات التابعة لرئيس الوزراء السراج الحصول على الأسلحة والمعدات الغربية التي تحتاجها لمحاربة تنظيم داعش في معاقله على ساحل البحر المتوسط. كما أن التحالف الدولي يستعد لتقديم المساعدات لقوات الأمن التابعة للحكومة في مجال التدريب والتأهيل. وكانت حكومة السراج التي تم تشكيلها بمساعدة الأمم المتحدة قد اضطرت للانتظار في تونس بسبب احتدام القتال بين الفصائل السياسية المتصارعة في العاصمة الليبية طرابلس. وسافر فريق الحكومة الجديد إلى طرابلس أواخر مارس الماضي عبر البحر المتوسط بسبب حظر الطيران الذي فرضته مجموعات مسلحة على مطار العاصمة. والحقيقة أن اتفاقية التسليح الأخيرة خطوة جيدة في اتجاه إعادة الأمن إلى الدولة التي انغمست في مستنقع العنف والانقسامات السياسية منذ أن ساعدت الضربات الجوية التي نفذها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في الإطاحة بنظام حكم العقيد معمر القذافي في 2011. ومع ذلك فإنه على الدول المشاركة في التحالف التي تدعم جهود تسليح الحكومة الليبية الجديدة أن تتعامل بحرص بالغ مع تفاصيل كيفية نقل كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وتسليمها إلى القوات الحكومية الشرعية في هذه الدولة المنهارة حيث أن ذكرى ما حدث في العراق مازالت ماثلة في الأذهان عندما انتهى المطاف بالأسلحة والعربات المدرعة الأمريكية الحديثة التي تم تقديمها لدعم قوات الأمن العراقية في يد مقاتلي داعش بعد استيلائهم على مدينة الموصل شمال العراق في يونيو 2014 باعتبارها الجائزة الكبرى. لقد مكنت هذه الأسلحة الأمريكية المتطورة مليشيات داعش من التوغل في مناطق واسعة في شمال وغرب العراق. وفي حين تمكنت القوات العراقية وقوات التحالف الدولي في طرد مليشيات داعش من معاقله غرب العراق مثل مدينة الرمادي ومدينة بيجي الغنية بالنفط، فإنه مازال يسيطر على الموصل. الأراضي الليبية مليئة بالقبائل والمليشيات والجماعات المتطرفة المتصارعة وهناك دائما خطر سقوط الأسلحة الغربية في الأيدي الخطأ. وفي مؤتمر صحفي مع السراج قال كيري إن الولايات المتحدة والدول الأخرى المشاركة في التحالف ستوازن بين طلب الحكومة الجديدة الحصول على أسلحة مع دعوتنا لكل دول العالم من أجل تشديد حظر السلاح المفروض على ليبيا من أجل منع وصول أي أسلحة إلى أي أطراف أخرى غير الحكومة الليبية الجديدة. في الوقت نفسه فإن تقديم السلاح للحكومة الليبية الجديدة سيزيد الانتقادات من جانب الأمريكيين الذين يدعون إدارة الرئيس باراك أوباما إلى عدم الانغماس بصورة أكبر في مشكلات منطقة الشرق الأوسط وتجنب الانحياز إلى طرف من الأطراف المتصارعة في ليبيا. بالطبع هذه العملية تحتاج إلى رقابة لصيقة من جانب الدول الغربية لضمان حسن استخدام الحكومة الجديدة للأسلحة. وعلى نفس القدر من الأهمية، يأتي تدريب القوات الليبية الحكومية حتى تتمكن من محاربة المليشيات المسلحة. كانت خطة الرئيس أوباما بتدريب وتسليح الثوار السوريين المناوئين لنظام حكم بشار الأسد قد منيت بفشل ذريع، بسبب القصور في آليات اختيار ومراقبة العناصر التي جرى تدريبها وتسليحها. وكان هذا الفشل ضربة قوية لاستراتيجية إدارة أوباما المضطربة في سوريا، ولذلك فإن إدارة الرئيس الأمريكي لن تستطيع تحمل تكرار الفشل مرة أخرى في ليبيا. لذلك فإن الوقوف وراء حكومة السراج الجديدة هو خيار مناسب تماما بالنسبة للإدارة الأمريكية. لقد حققت الولايات المتحدة ودول التحالف الأخرى نجاحات كبيرة ضد تنظيم داعش مؤخرا، حيث جرى استرداد مساحات واسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق. لكن خسائر التنظيم للأرض في سوريا والعراق، يجعل ليبيا أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لقادته. والآن حان الوقت للقضاء على وجود داعش في ليبيا. إذا كان السماح بوصول السلاح إلى ليبيا المضطربة مخاطرة، فإن عدم التحرك والسماح باستمرار ليبيا كدولة فاشلة مخاطرة أكبر لأن هذا يجعلها نقطة انطلاق لتنظيم داعش لكي يهاجم منها إفريقيا وأوروبا وربما أبعد من ذلك. - افتتاحية الصحيفة