كم هي جميلة هذه الشعارات التي تحارب التعصب والتي أصبحت الجماهير الرياضية ترفعها وترددها في المدرجات. ثمة إجماع على أن صور التعصب الرياضي فاقت وتجاوزت ما عداها، وإن كنت أخالف هذا الانطباع السائد بشكل أو بآخر، فالتعصب - كقانون للهوى - يستمد جذوره من العصبية الاجتماعية التي أفرد لها ابن خلدون فصلا في مقدمته الشهيرة. ومنذ أن قرر ابن خلدون في تنظيره المبكر لعلم السياسة والاجتماع أن العصبية في المجتمع العربي هي الأساسي في الولاءات، لم تتغير الأحوال كثيرا في مجتمعاتنا العربية (البدوية) سياسيا وقبليا وفكريا ومذهبيا.. وما تلاها رياضيا. صور التعصب الرياضي رغم كل هذه العلل ليست بالضرورة أن تكون هي الأعلى منسوبا، وإن كانت الأكثر شيوعا وظهورا، والسبب واضح وضوح الشمس وهو الحرية في الممارسة والطرح خلافا لما عداه، رغم أن التعصب القبلي أو المذهبي أو الفكري وحتى الإداري (لاحقا) تخفي وراءها «براكين» شديدة الانفجار. المجتمعات الفئوية التي لم تأخذ بيد أفرادها نحو القيم الكبرى المشتركة لا بد وأن يكون النظام العصبي -بشتى مكوناته- هو النظام التفاضلي البديل. من خلال رسم «كنتوري» على الورق، فإن صور التعصب الرياضي في «الميديا» تبدو هي الأكثر طغيانا، فقط لأنها جعلت من نفسها أنبوب اختبار للنسيج العصبي ليس إلا. علماء النفس يرجعون حالة التعصب إلى ثلاثة مكونات أساسية: انفعالية ومعرفية وسلوكية، ولو أمعنت النظر في هذه المكونات ونصيب مجتمعنا منها لحمدت الله على ما يجري في الرياضة.