يواصل مؤشر بلومبرج للسلع الأساسية الذي يقيس أداء 20 سلعة أساسية موزعة بالتساوي بين قطاعات الطاقة والمعادن والزراعة، إظهار مكاسب تتخطى عوائدها 10% منذ بداية العام حتى الآن. ومع ذلك، شهدت الأسابيع القليلة الماضية قدراً من التراجع الخفيف في الأسعار ضمن بعض القطاعات وأبرزها الطاقة، والتي توقفت جراء انخفاض زخم ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي. وحظيت المعادن الصناعية بدعم من التوقعات المتزايدة بقدرة البنوك المركزية على توفير محفزات إضافية، فضلاً عن مؤشرات استقرار الاقتصاد الصيني خلال الربع الثاني من العام. وكان نصيب النحاس هو الأكبر من حيث ارتفاع الأسعار، ولكن البيانات أرجعت الجزء الأكبر من ارتفاع الأسعار لعمليات البيع على المكشوف مع تردد التجار بإجراء عمليات شراء كبيرة على المدى البعيد. الأسعار المتميزة للقطن والقوية للقهوة أكّد ذلك رئيس قسم إستراتيجيات السلع لدى ساكسو بنك أولي هانسن وقال: «شكلت المكاسب القوية للقهوة والقطن الدوافع الرئيسية وراء الأداء القوي في قطاع السلع الخفيفة. وتعززت أسعار القطن بتخفيض وزارة الزراعة الأمريكية لمخزونات العالم إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، فضلاً عن استمرار المخاوف الناجمة عن الظروف المناخية السيئة في مناطق زراعة القطن بالولايات المتحدة الأمريكية. وسجلت أسعار القهوة أعلى مستوياتها منذ 16 شهراً نتيجة انخفاض الموارد الناجم عن الأحوال الجوية السيئة التي تعرضت لها حبوب القهوة من نوع روبوستا وأرابيكا في مناطق إنتاجها الرئيسية بفييتنام وأمريكا الجنوبية. وجاء الدعم الإضافي من إضراب سائقي شاحنات النقل في كولومبيا، والذي يمكن أن يدفع بشحنات يوليو إلى التراجع بنسبة 50%». وبلغ النفط الخام ذروته نحو خمسة أسابيع بعد أن تضاعفت أسعاره تقريباً من أدنى مستوياتها في بداية العام، وتم تداوله بأسعار مقاربة من دون تغيير خلال الأسبوع. ومع ذلك، شهدت السوق حالة من عدم الثبات والتأرجح جراء عمليات شد وجذب بين التوقعات القصيرة والطويلة الأمد، والتي شكلت نوعاً من التذبذب. ولم تتم الاستفادة من واقع دخولنا إلى ذروة موسم العطلات الصيفية حيث تأتي السيولة غالباً بأقصى مستوياتها مع الابتعاد المتزايد عن مكاتب التداول. وتلتقط المعادن الثمينة أنفاسها مع تداول الذهب بأسعار أدنى للمرة الأولى منذ سبعة أسابيع. وأثارت الفترة التي سبقت وأعقبت التصويت على البريكسيت موجة قوية من الطلب على المعادن الثمينة؛ فيما يخبو زخم بعض دوافع مثل تلك الحركة بعد اتخاذ جملة من إجراءات التعزيز الصحية. أسعار النفط بين شدّ وجذب وقال هانسن: «استقرت أسعار النفط الخام في نطاق عريض منذ أن بلغت ذروتها في 9 يونيو. ومنذ ذلك الحين، تباطأت عملية إعادة التوازن التي حصلت على دعم إضافي من عرقلة الإمدادات المتعددة خلال شهر مايو. وفي الوقت الراهن، خضعت السوق لعملية شد وجذب بين الأساسيات الضعيفة على المدى القصير والداعمة على المدى الطويل». وفي آخر تقاريرها الشهرية، سلطت وكالة الطاقة الدولية الضوء على هذه القوى المعارضة. وفيما بدت السوق في حالة توازن، وأبرز التقرير مخاوف من قدرة ارتفاع مخزونات النفط على تشكيل تهديد للاستقرار الجاري في الآونة الأخيرة. وحول ارتفاع المخزونات، يشير التقرير: «على الرغم من اقتراب المخزونات للوصول إلى أعلى مستوياتها، إلا أنها ستبقى عامل التخفيف الأساسي لأسعار النفط، وخاصة بالنسبة إلى المنتجات التي يتباطأ الطلب عليها». ولا تزال المخزونات الأمريكية من البنزين والديزل مرتفعة بشكل عنيد. وقد شهد العالم تطورات مماثلة وخاصة في أوروبا والآن في آسيا. وفيما تم توريد كمية أقل من النفط الخام في شهر يونيو، زادت الصين من صادراتها من البترول المكرر بنسبة 10% لتصل إلى ثاني أعلى مستوى يتم تسجيله حتى الآن. وينبغي الحفاظ على قوة الطلب للحد من تراكم المخزونات. ويمكن أن تؤدي أي مفاجآت سلبية بخصوص الطلب إلى تصحيحات سعرية أكثر عمقاً خلال الأشهر المقبلة. ومع ذلك، تبقى الأساسيات على المدى البعيد شديدة الدعم للسعر لعدم وجود شك في إمكانية تفاقم الفجوة الاستثمارية المتنامية حالياً في قطاع النفط في حال بقيت أسعار النفط الخام أدنى من 50 دولارا للبرميل فترة أطول. وكلما طالت فترة الحد من أعباء الإمدادات كبرت مخاطر التوجه الحاد نحو الارتفاع عندما يحين ذلك الوقت. وقبل الوصول إلى ذروة 51.6 دولارا للبرميل في 9 يونيو، كانت صناديق التحوط قد نشطت فعلياً في بيع خام غرب تكساس الوسيط (وبرنت) منذ أبريل. وفي أعقاب البريكسيت، أدى الانخفاض إلى تجمع التحركات، وخلال أسبوعين حتى 5 يوليو كان القطع العملاني الصافي – دائن من خام برنت وغرب تكساس الوسيط قد انخفض بمقدار 100 ألف عقد تداول. وأدت العقود المتزايدة للشراء على المكشوف إلى جعل السوق أكثر عرضة لتوجهات انتعاش حادة على افتراض أن البائعين على المكشوف هم أكثر تركيزاً على المدى القصير وأكثر نفوراً من المخاطر بالمقارنة بمالكي الحيازات طويلة الأمد. وأضاف: «لا تزال أسعار النفط الخام محدودة النطاق مع ميل المخاطر على المدى القصير نحو الهبوط. ويمكن أن يؤدي الانخفاض تحت عتبة 44.50 دولارا إلى دفع خام غرب تكساس الوسيط نحو استهداف الدعم عند 42.50 دولارا، ولكننا لا نجد أساساً للعودة إلى عتبة 40 دولارا فأقل، حيث ستتم تلبية الأسعار الأضعف عبر الطلب من المستثمرين على المدى الطويل». وقال: «توقف ارتفاع أسعار المعادن الثمينة على مدى سبعة أسابيع نتيجة لتراجع أسعار الذهب والفضة. ولعب تلاشي خطر البريكسيت ونتائج تقرير الوظائف الأمريكية في يونيو التي جاءت أقوى من التوقعات، دوراً مهماً في ارتفاع عائدات السندات والأسهم. وبعد إنشاء قمة مزدوجة عند 1375 دولارا للأونصة، وعلى الرغم من ضعف الدولار، ساعدت هذه التطورات في تشكيل توحيد صحي في أسعار الذهب بعد ارتفاعها خلال الأسابيع الأخيرة». ومن المرجح أن تشكل صناديق التحوط جهات البيع الرئيسية كما حصل في مايو عندما انخفضت القيمة المرتفعة آنذاك بنحو الثلث. وخلال الأسابيع الخمسة التالية، توجهت تلك الصناديق مجدداً نحو الشراء المكثف. ووصل القطع العملاني الصافي – دائن إلى 287 ألف عقد تداول في الأسبوع المنتهي في 5 يوليو، بنحو 53 ألف عقد تداول فوق المستوى الذي شوهدت فيه التخفيضات في شهر مايو. وحتى الآن، كان التصحيح سطحياً نوعاً ما مع حصول الذهب على بعض الدعم الأولي عند 1328 دولارا للأونصة، وهو تصحيح بنسبة 38.2% عن الارتفاع الذي أعقب البريكسيت. ومع ذلك، جاء الدعم الأساسي منخفضاً نوعاً ما باتجاه 1300 دولار، والذي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الضعف وصولاً إلى 1275 دولارا للأونصة. كما توقفت الزيادة المتسارعة والمستمرة في الطلب على المنتجات المتداولة في البورصة والمدعومة بالذهب، وانخفضت الموجودات الإجمالية بنحو 6 طن. ومع ذلك، تضاءل ذلك في مقابل الزيادة بمقدار 132 طنا من الأسابيع الأربعة السابقة. ويعد الافتقار إلى تسريع عمليات جني الأرباح نظرًا إلى لزيادة الواسعة في صفقات الشراء الطويلة منذ مايو بمثابة إشارة إلى استمرار قوة الطلب على الذهب. وسنشهد حاجة إلى إجراء تصحيحات أكبر بالمقارنة بما رأيناه حتى الآن بهدف تغيير القناعة الراهنة للمستثمرين حيال المضاربة على ارتفاع الأسعار. نحن ندخل موسم الأرباح الأمريكية، وفيما يعتبر التجار الأسهم كما لو أنها سندات جديدة من حيث مطاردة العائدات (الأرباح)، فإننا لا نزال فاتري الحماسة تجاه استمرارية الارتفاع الأخير للأسهم. وبناء على استمرار حالة الانخفاض في عائدات السندات على المدى المنظور، فإننا لا نرى أي سبب يدعونا لتغيير نظرتنا حول ارتفاع أسعار الذهب. وبعد فترة من التوحيد، لا نزال نرى قدرة أسعار الذهب في الوصول إلى هدفنا عند 1400 دولار للأونصة.