هذه المقالة لها قصة ومناسبة رائعة جمعتني بسمو الأمير متعب بن عبدالله قبل اسبوع تقريبا في جلسة مختصرة في منزل شخصية كرمتني بالدعوة الى تلك الامسية الرائعة، وكانت فرصة لي كي اكتشف واتناقش مع سمو الامير متعب بن عبدالله بشكل أقرب وأعمق بعدما عرفته وقابلته في مناسبات رسمية لكن هذه المرة القضية مختلفة تماما. طبيعة المكان وحضوره كانا يساعدانني كثيرا على فتح مسارات كثيرة من النقاش والحوارات.. والحقيقة انني لابد وأن اشير الى أن الامير متعب بن عبدالله يتميز بحسن الانصات والبساطة في التعاطي مع الجميع، وكان يتحدث بعفوية تامة ما جعلني اطرح معه وبشكل مباشر قضايا سياسية واجتماعية وقضايا تخص الجنادرية وغيرها كثير. ككاتب في مجال الرأي والافكار المجتمعية وممن يهتمون بأحداث السياسة والقضايا الاجتماعية والفكرية وجدت في حديث الامير متعب بن عبدالله شكلا جديدا ومهمة مختلفة فعندما تحدث عن السياسة انطلق بشكل علمي من فكرة الامن الداخلي واهميته، وأن الامن الداخلي خط أحمر وهذا مؤشر على عقلانية سياسية تجعل من الافكار الوطنية محورا اساسيا لتقوية اللحمة الوطنية وأن الخط الأول للسياسة واهتماماتها هو الوطن والمواطن وقد كرر كثيرا في ذلك اللقاء أن ذلك هو هاجس خادم الحرمين حفظه الله. عندما تحدث الامير متعب عن الوطن لم يستثن فئة او منطقة او مكانا، كان يتحدث عن الجميع دون استثناء ودون تمييز في الموقف او الافكار وهذا الحس السياسي الايجابي غير الكثير من الافكار لدي حول كيفية النظر الى القضايا الوطنية من شخصية قريبة من دائرة القرار السياسي في المملكة ومع أن الكثير من الاسئلة التي تلقاها الامير مني او من قبل الحاضرين كانت جريئة ومباشرة الا أنني أدركت أن الرؤية السياسية لها زوايا كثيرة يجب اخذها بالحسبان عند النقاش والحديث. تحدث الامير وبشكل مباشر عن تلك الظروف التي يمر بها العالم العربي من حولنا وما اصاب تلك الدول من ازمات وخاصة تلك المشكلات التي جلبت أطرافا دولية قريبة وبعيدة تدخلت بشكل مباشر وغير مباشر في تلك الدول ما عقّد الحلول السياسية واطال في امدها. في الواقع انني اشترك مع سمو الامير متعب كثيرا في تلك النظرة فما تعرض له العالم العربي خلال السنوات الثلاث الماضية أثر كثيرا في العالم العربي ولكنه على الجانب الاخر كشف لنا عن الكثير من الاخطاء الفكرية والايديولوجية التي كانت ستؤدي بعالمنا العربي الى الهاوية لو بقيت مدفونة تحت الرماد الاجتماعي لولا تلك الظروف السلبية التي سمحت بخروج تلك الأفكار ومنها صعود المد الإخواني في جميع الثورات العربية تقريبا والذي اثبت انه يعيش في عالم سياسي ليس له علاقة بواقع الامة الاسلامية لا من قريب او بعيد. حديث الامير متعب عن الوطن وعن المناسبة الثقافية والفكرية الابرز في المجتمع وهي مناسبة تخص وزارة الحرس الوطني حيث كشف سموه عن ان الجنادرية بحاجة مستمرة الى تطوير في منهجيتها وادائها وخاصة في الجانب الخاص في الفاعليات الثقافية ولم يخف سمو الامير متعب رغبة الجنادرية بوجود شباب جديد وافكار جديدة يمكن أن تساهم في تحقيق نقلة نوعية لهذه المناسبة الاكبر على مستوى العالم العربي بل هي المناسبة الثقافية التي استمرت دون توقف منذ بدايتها. عندما سمعت هذا الحديث من سمو الامير متعب أدركت أن عصرا جديدا في مناسبة الجنادرية يجب أن يحل .. ففلسفة هذه المناسبة يجب أن تواكب الاحداث المحلية والدولية فما اعتادت الجنادرية في جانبها الفكري والثقافي ان تقدمه حقق اهدافه في مراحل سابقة لأننا اليوم امام عناصر فكرية وثقافية جديدة وهذا يتطلب تغيير الافكار بشكل جذري إن صح التعبير. الثقافة والادب لم يعودا مادة للحوار المختصر بين مرتاديهما فالمواقف الفكرية اصبحت في متناول الجميع ولم تعد مقصورة على بيئات المثقفين والمفكرين بل أصبح الفرد في هذا العالم المتحول يستطيع ان يصل الى كل معرفة ومعلومة بطرق مختلفة وميسرة وهذا ما يتطلب أن يتم تغيير مسار الحوارات الفكرية لكي تكون أكثر فاعلية في جذب المجتمع اليها بكل فئاته. نحن اليوم في زمن تقترب فيه السياسة والاقتصاد من الفكر بفعل ثقافة العولمة وهذا التقارب جعل المواقف الفكرية أكثر إثارة واصبحت المواقف السياسية والثقافية متنافسة في الوصول الى المجتمع لذلك ليسمح لي سمو الامير بأن اطرح امامه عبر هذه المقالة أن فكرة التغيير والتطوير في الجنادرية تتطلب مواكبة حقيقية للزمن وليس للفكرة إذا كنا فعليا نريد أن يكون الحدث الفكري والثقافي في الجنادرية حدثا عالميا تتبلور من خلاله المواقف بكل تنوعاتها الفكرية والسياسية والاقتصادية. الحرس الوطني اليوم أصبح مؤسسة اجتماعية وثقافية وسياسية بعدما تحول الى وزارة وليس سرا أن أقرب المؤسسات الحكومية للمشاركات المجتمعية الشاملة بشتى انواعها تحققت من خلال وزارة الحرس الوطني في تاريخها الطويل منذ تولى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله هذه المؤسسة قبل عقود من الزمن. المسؤولية المجتمعية للحرس الوطني تتضاعف اليوم بشكل أكبر فهذه المؤسسة الاقرب الى المجتمع وتحقق الكثير من المكاسب وخاصة بعد تحولها الى وزارة وقد ارتبطت بمناسبات ثقافية وفكرية وسياسية جعلت منها مؤسسة ينتظر منها المجتمع الكثير ولعل سمو وزير الحرس الوطني الامير متعب يتبنى فكرة المسؤولية المجتمعية والثقافية في وزارته التي ينتظر منها المجتمع الكثير وعلى جميع المستويات. الجانب الثقافي والفكري في الحرس الوطني كما اعتقد بحاجة الى أن يعود الى كونه جزءا كبيرا في هذه الوزارة الحديثة فالحرس الوطني يمتلك الكثير من المقومات التي سوف تجعل منه حارسا للوطن عسكريا والراعي الفكري والثقافي للحراك المجتمعي وتحولاته وأسس تنميته وبنائه خاصة وأننا في مجتمع تتواجد فيه نسبة كبيرة من شباب الوطن ورجاله..