صبيٌ صغير في مدينة «دسوق»، يمُر على الطريق الموازي للنيل ذهابًا وإيابًا مرات لا تُحصى ولا تعد. هكذا عرّف الدكتور، أحمد زويل، صِباه، في أولى صفحات كتابِه «عصر العلم»، مُستكملاً ذلك ببعض الحكايات الأخرى؛ مثل دور مسجد «إبراهيم الدسوقي» في حياته، فكان يذهب إليه برفقة أصدقاء الطفولة، مُنجذبين كمّا المغناطيس. وكان أصحاب الدكاكين حول المسجد يعرفون اسم الصبي الصغير، ويكرمون عائلتُه، فيشتري الصبي ما يُريد من البقالة المجاورة دون دفع الثمن على الفور. وفي مُناسبات متكررة لم ينس «زويل» ذكرياته، وتحديدًا الدور الذي لعبته أم كلثوم في حياتُه.. ليُسجل على صوتها 4 مواقف في مشواره لم ينساها أبدًا، كمّا رواها هو في كتاب «عصر العلم». 4. من «دسوق» إلى «القاهرة» يروى «زويل» الذكرى الأول له مع أم كلثوم، قائلاً، في البدء، علمنّي خالي رزق، الاستماع إلى السيدة أم كلثوم. وكُنت أفعل ذلك بهدف الترويح عنّي وإدخال البهجة والسرور في نفسي. وكان خالي يصطحبني معهُ في رحلاته إلى القاهرة، لحضور حفلات أم كلثوم الغنائية، تلكَ السيدة التى احتلت بعد ذلك مكانة بارزة في حياتي، وإذا ما كان هُناك شئ محدد لهُ دور ثابت في إدخال البهجة في نفسي وخاطري، فهو أم كلثوم. وبدأ إعجابي وتقديري لأغنيات أم كلثوم عندّما كنت في المرحلة الإعدادية، وكنتُ آنذاك في حوالي الثالثة عشرة من عُمري، وخلال سنوات دراستي في مصر، كنت أحرص على أنّ يكون المذياع بجواري وأبحث عن صوت أم كلثوم عبّر الأثير في كُل محطات الراديو. كُنت أعرف ميعاد إذاعة أغنياتها في المحطات المختلفة مثل؛ صوت العرب، وإذاعة القاهرة، والشرق الأوسط. وكُنت أجعل صوت المذياع بالقدر الذي يُشكَّل صوت أم كلثوم خلفية هادئة أثناء عملي في غُرفتي. أم كلثوم إنت عمري الحفلة الأولى 6 فبراير 1964 أغنية أم كلثوم الشهيرة إنت عمري كلمات أحمد شفيق كامل وألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب .. وكانت هذه الأغنية أول لقاء بين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وسمي بلقاء السحاب لأن اللقاء تأخر أكثر من 30 سنة بسبب خلاف حصل بين أم كلثوم وعبدالوهاب واحتاج الوضع أن يطلب جمال عبدالناصر شخصيا من الاثنين أن يعملا عملا مشتركا وكانت هذه الأغنية هي البداية .. «ويكفي أنّ استمع إلى أغنية (يا مسهرني)، تلحين الموهوب سيد مكاوي. وفي الونة الأخيرة قامت إحدى الشركات في أمريكا بإعداد وثائقي لحياتها وأعمالها، يعكس التأثير الضخم لصوتها حتى خارج مصر». 1. «أم كلثوم» تتسبّب في غيرة زوجية كان يرى زويل إنه محظوظًا، كمّا ذكر في آخر حوار أجراه مع خيري شلبي، والمُذاع على فضائية سي بي سي، قائلاً: «إحنا متجوزين بقالنا 26 سنة، أنا مكنتش هبقى موجود النهاردة كإنسان عايش من غير (ديما)، زوجتي هي سرّ نجاحي». فيما روى قصة لقائه بها، قائلاً: «أنا قابلتها في صدفة غريبة، سنة 1987 والدها أخد جائزة الملك فيصل في الأدب، وأنا أخدتها في العلوم». ومن بين المواقف الطريفة التي رواها عن علاقته بأم كلثوم، يتذكر زويل إنه كان دائمًا ما يشرد ذهنه عندّما يسمع صوت «الست». وهو الأمر الذي تسبّب في غيرة زوجتهُ، وكأنها اعتقدت أنه يُفكر في قصة حُب بعيدة، تذكرها بسبب صوت أم كلثوم.