يبدو أن هناك ما يحاك في الخفاء لتمكين هيلاري كلينتون وإيصالها إلى سُدَّة الرئاسة الأمريكية، لتكون بذلك أول امرأةٍ ترأس وتحكم الولايات المتحدة الأمريكية ، ومع أن مصلحة العالم تتمثل في صعود ترامب، لأنه لا ينوي شن حروب دولية أو اعتداءات قد تهدد السلام العالمي، فإن كلينتون تعزِفُ على وتر الإصلاح الداخلي والاقتصادي وفق مبدأ (مونرو) الذي يؤكِّد أن الولايات المتحدة عليها أن تبدأ بنفسها قبل أن تتجه إلى الخارج. وهنا يكمن دهاء الحزب الديمقراطي الذي يريد أن يسوِّق لكلينتون على أنها مُصلحة اجتماعية واقتصادية وغير ذلك، متناسياً تلك المؤسسة التي أسسها زوجها بيل كلينتون بأموال وهبات من دول أخرى بحجة العمل الإنساني . وقبل أن تتضح الرؤية حول من سيكون وريث الرئيس باراك أوباما ، أهو الملياردير ترامب؟ أم كلينتون التي قد تحصد اللقب لتكون أول سيدة للبيت الأبيض؟ لا بد من معرفة مؤهلات الرئاسة الأمريكية، وخاصة أن تلك المؤهلات تعتمد على السياسية والكفاءة والخطابة لاستقطاب الناخبين فضلا عن المال السياسي والتغطية الإعلامية. ويبدو أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016 هي الأشرس في سباقات الرئاسة، إذ أن أي حدث أمريكي أو عالمي قد يقلب الموازين ، فقبل عدة أشهر، كان المرشح الجمهوري ترامب هو الأقوى من بين المرشحين، واليوم باتت المرشحة كلينتون فرس الرهان مع توقع فوزها لدعم ساندرز لها، حيث وعدته كلينتون بتعيينه نائباً للرئيس حال فوزها. ووصفت صحيفة (واشنطن بوست) تأمين هيلاري كلينتون ترشيح الحزب الديمقراطي لها في انتخابات الرئاسة بالخطوة التاريخية، لتصبح بذلك أول امرأة تقود حزباً رئيسياً في السباق نحو البيت الأبيض، وذلك بحصولها على عدد كبير من المندوبين اللازمين للحصول على هذا الترشيح. وعلى الرغم من أن هيلاري كلينتون تأخرت في دخول سباق الرئاسة ثماني سنوات، توالى مسلسل الفضائح والهزات المتكررة لها، فإنها - أي هيلاري كلينتون - قوية تستند إلى دعم من الدول العربية الغنية، التي قيل إنها مولت حملتها الانتخابية. وإذا فازت كلينتون في الانتخابات الأمريكية، فإنها حتماً ستقوم بشن حرب في إحدى بقاع المعمورة وذلك لإرضاء حلفائها التقليديين وإخضاع الأوروبيين لسلطانها وإحياء مشروع الهيمنة الأمريكية الجديدة كقوة عالمية ليس لها منافس على الإطلاق ، ومع تقارب فرص كلا المرشحين في الفوز في السباق الرئاسي، فإن ما جعل مكتب التحقيقات الفدرالي يبرئ ساحة هيلاري كلينتون هو ذلك الغزل السياسي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. وهنا لا بد من إدراك أن السلطات الأمريكية لن تسمح - مهما استدعى الأمر - بفوز مرشح يُظهر مساندة أو ميلاً لعدو تقليدي للولايات المتحدة الأمريكية مثل روسيا وهذا يعني أن السلطات الحكومية الأمريكية ستبذل كل ما في وسعها للحيلولة دون فوز ترامب الذي قلب كل الموازين لمصلحته، وأقصى خصومه الجمهوريين من حلبة المنافسة على الانتخابات الرئاسية في السباق وتقدِّم هيلاري كلينتون استراتيجية في التعامل مع "داعش" في العراق وسورية من خلال زيادة الجهد الاستخباري، وزيادة الضربات الجوية، وشن حملة برية بقيادة أمريكية وقطع تمويل "داعش" ومكافحة التجنيد عبر الإنترنت والحد من قدرة هذا التنظيم على اختراق الحدود الأمريكية أو التجنيد من داخلها. أما ترامب، فدعا إلى ترك روسيا تقاتل "داعش" من دون تدخل أمريكي، وفي وقت لاحق وبعد هزيمة هذا التنظيم يمكن للولايات المتحدة القيام بأعمال عسكرية محددة ومحدودة و،تدعو كلينتون إلى العمل مع حكومةٍ انتقاليةٍ دون بشار الأسد في الوقت الذي أعلن فيه ترامب عن قلقه إزاء ما سيأتي بعد سقوط النظام السوري والإطاحةِ ببشار الأسد ، و أكدت كلينتون أنّ منطقة الخليج العربي ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة، لذلك لا بد من وجود عسكري مكثف فيها. كما حثت على التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي عسكرياً وأمنياً. بينما يرى ترامب أن إيران يمكن أن تكون شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، وأن على دول الخليج العربي أن تدفع ثمن حماية الولايات المتحدة لها، حيث قال في غير مناسبة إن على السعودية التعويض مالياً للولايات المتحدة ما دامت واشنطن تقوم بحماية مصالح الرياض. ولكن لا بد من التأكيد على أنَّه ليس كل ما يقوله كلا المرشحين سيترجم على أرض الواقع. كما أن الرئيس سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً لا بد له من الانصياع لمؤسسة الحكم في الولايات المتحدة والتي ستحدد بدورها ما يجب أن تكون عليه سياسة الرئيس ، إذ أنَّ هناك أطرا عامة لا بد من أن يلتزم بها الرئيس الأمريكي - الجمهوري أو الديمقراطي - مهما تعددت شعارات كل منهما. عبدالله الهدلق