أكد عدد من المختصين والخبراء في العنف الأسري أن العنف ضد الأطفال يولد عدة شخصيات منتقمة ومتوحشة، وذلك نتيجة لسوء المعاملة التي يتلقونها في مراحل معينة من حياتهم. وأجرى عدد من الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية دراسات على عدد من المراهقين الذين قاموا بقتل والديهم، خلصوا فيها إلى أن أحد أهم الأسباب التي دفعتهم للقيام بذلك هو تعرضهم للإساءة اللفظية أو الجسدية من قبل الوالدين أو أحدهما في وقت محدد من حياتهم. التربية الخاطئة أكدت الأخصائية الاجتماعية لطيفة بن حميد أن معاملة الطفل بالقسوة والتعنيف منذ صغره، يعد سبيلا لأن ينشأ قاسيا وناقما على المجتمع ومن حوله من الناس. مشيرة إلى أن هذا النوع من التربية خاطئ ويهدم الأسرة، كما أنه ينزع الثقة ويعزز من ضعف شخصية الطفل، فيسهل بعدها للانجراف وراء الفئات المنحرفة والفاسدة في المجتمع، كأصحاب المخدرات، أو أصحاب الفكر المتشدد. بداية التغيير قالت المختصة في القضايا الأمنية والاجتماعية الدكتور كوثر خلف "إن هنالك خصائص ترتبط بالأبناء الذين لديهم احتمالية كبيرة في الفرار من المنزل والإقدام على قتل الوالدين، أو ارتكاب الجرائم المتعددة في المجتمع، من بينها عدم توفير البيئة الحاضنة والداعمة لهم، بحيث يدفعهم ذلك للفرار أو الإجرام، ويرافق ذلك عدوانية بالسلوك وكره للمجتمع بكافه أفراده، وفي هذه الحالة ينعكس هذا الكره على أقرب الناس لديه وهما والداه، وتظهر عليه في البداية تغييرات حادة بالسلوك تستمر قرابة ستة أشهر". لافتة إلى أن فترة تغيير السلوك وبداية الكره للمجتمع هي الفرصة السانحة للجهات الفاسدة والإرهابية لكي تحتضن هذه الابن المعنف. عقوبات التعنيف بين المحامي سعد الزهراني أن تعنيف الأبناء واقع يعاني منه الأبناء ويقف له القانون بالمرصاد، بحيث إن التعنيف يعتبر جريمة أيا كانت أسبابها لمن هم دون سن 18، وذلك بموجب قانون الحماية من الإيذاء. وتعرّف كلمة "الإيذاء" بموجب قانون الحماية بأنها "كل شكل من أشكال الاستغلال والتهديد، أو إساءة المعاملة الجسدية، أو النفسية، أو الجنسية، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية". وحدد مشروع النظام العقوبة التي يمكن اتخاذها ضد من ارتكب فعلاً من أفعال الإيذاء، وهي الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد عن 50 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع مضاعفة العقوبة في حال عاد إلى فعلته. ودعا الزهراني إلى ضرورة منح الشؤون الاجتماعية التفويض للاستعانة بالجهات الأمنية المتخصصة، إذا تبين أن التعامل مع حالة الإيذاء يستلزم التدخل العاجل، طالباً من تلك الجهات الاستجابة الفورية للنداءات. اضطراب الشخصية أوضح أخصائي علم الجريمة والعدالة الجنائية عبدالله الجويعي، أن هنالك ارتفاع في معدلات المشاكل المدرسية، والانحراف، والجريمة العنيفة، كما أن نسبة الأطفال المعادية للمجتمع تنمو وتصبح من الفئة التي تعاني من اضطرابات الشخصية، بحيث إن النسبة الأكبر منهم تعاني من الفشل الاجتماعي، والأكاديمي، والمهني، الناتج عن سلوكهم المبغض والمعادي للمجتمع. سمات بارزة لفت الجويعي إلى أن هنالك سمة بارزة للأطفال والمراهقين الكارهة للمجتمع، من بينها خلوهم من المشاعر، وعدم مراعاة مشاعر الآخرين أو الندم على إيذائهم. مضيفا "أن المبرر لهذا السلوك المعادي هو أن الطفل يعتبره آلية للدفاع عن نفسه تساعده في تجنب المشاعر المؤلمة التي مرت به، وطريقة لفرض السيطرة على من حوله". وأشار الجويعي إلى أن بعض نظريات التعلم الاجتماعي تقترح أن يتم تعزيز السلوكيات الإيجابية خلال وقت مبكر من مرحلة الطفولة وخصوصا من هم في عمر خمس سنوات، من قبل الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى الابتعاد عن إيذائهم جسدياً أو لفظياً.