×
محافظة المنطقة الشرقية

وزير المالية لـ الجريدة•: نتجه لتقنين الدعم لا رفعه

صورة الخبر

لم تكن يسرا مارديني تدري أن السباحة التي تعلمتها منذ الصغر في دمشق ستكون سببا في إنقاذ حياتها، مع 19 شخصا آخرين، عندما حاولت عبور بحر إيجه للوصول إلى اليونان، بعد الفرار من الصراع الدائر في سوريا. ففي أغسطس (آب) 2015، فرت عائلتها إلى لبنان، بعد تهدم منزلها في دمشق، ومنها انتقلت إلى أزمير في تركيا. وفشلت المحاولة الأولى ليسرا لعبور بحر إيجه برفقة شقيقتها، بعد أن ضبطتهما قوات خفر السواحل، لكنهما وجدتا نفسيهما و18 لاجئا سوريا آخرين في قارب لا يسع سوى 7 أو 8 أشخاص. ومر بعض الوقت، ثم توقف محرك القارب. ولم يكن بالقارب من يجيد السباحة سوى يسرا وشقيقتها سارة وسيدة أخرى، فتولوا لثلاث ساعات ونصف الساعة مهمة دفع القارب قبل الوصول إلى شواطئ اليونان. وقالت يسرا، البالغ عمرها 18 عاما، في مقابلة مع موقع اللجنة الأولمبية الدولية: «كان كل من على متن القارب يصلي من أجل النجاة.. الآن، أتحدث ببساطة عما حدث، لكن الأمر كان صعبا للغاية وقتها.. وأسوأ شيء كنت أفكر فيه أنني سأموت غرقا لأنني سباحة وهو ما أبرع فيه». وقد واجهت يسرا صعوبات كبيرة حتى وصلت في النهاية إلى برلين، في سبتمبر (أيلول) 2015. ولم يختلف الأمر مع مواطنها رامي أنيس، الذي ولد في حلب، وصاحب أسرع زمن سوري في سباق مائة متر فراشة. فبعد اندلاع الصراع في سوريا عام 2011، قررت أسرة أنيس، الذي كان يبلغ 20 عاما وقتها، السفر إلى تركيا للانضمام إلى شقيقه إياد الذي كان يدرس اللغة التركية في أكتوبر (تشرين الأول). وبدأ السباح السوري التدرب مع نادي غلطة سراي، لكن دون المنافسة في أي بطولة لعدم حصوله على الجنسية التركية. وقال أنيس، في مقابلة مع موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: «كان الأمر مثل أن تدرس وتدرس وتدرس، لكنك لا تستطيع خوض الامتحان». لكن مع رحيل مدربه عن غلطة سراي، قرر أنيس وشقيقه السير على خطى والدهما الذي اتجه لبلجيكا في أغسطس من العام الماضي، دون نسيان رياضته المحببة، حيث درس أرقام السباحين البلجيكيين في جميع البطولات. وكانت الخطة هي أن يعبر أنيس وشقيقه بحر إيجه، بواسطة قارب مطاطي، وصولا لليونان. لكن، وقبل الوصول إلى الشاطئ، علت الأمواج، وتحطم القارب، واضطرا للسباحة لمدة ساعة ونصف الساعة. وتنقل أنيس - الذي ساعده خاله على التدرب في حلب عندما كان في الرابعة عشرة من العمر - وشقيقه، عبر 6 دول، هي مقدونيا وصربيا وكرواتيا والمجر والنمسا وألمانيا، قبل الوصول إلى بلجيكا. ويصف أنيس تجربة الوصول إلى بلجيكا بأنها كانت الأصعب في حياته، حيث كانوا يسيرون في مجموعات، ويعتمدون على الفواكه والسوائل، وعبور الحدود الساعة الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل. ويتدرب أنيس، الذي شارك في دورة الألعاب الآسيوية 2006 و2010، وبطولة العالم مرتين، وبطولة العالم داخل الأحواض القصيرة، مرة واحدة مع السباحة البلجيكية الأولمبية السابقة كارين فيرباوفين التي تصفه بأنه عنيد للغاية. وقالت المدربة البلجيكية، البالغ عمرها 54 عاما: «هو مختلف عن السباحين الآخرين لأن عقليته مختلفة. في بلجيكا، نقول: سنحاول فعل ذلك، لكنه يقول: سأفعل ذلك. لذا، بالنسبة لي هذا هو الاختلاف». وتابعت: «عندما أخبرني أنه سيتقدم للمشاركة في فريق اللاجئين في الأولمبياد، أخبرته أن الأمور ستختلف منذ هذه اللحظة، وسيكون التدريب عنيفا، ولن أرحمه في التدريبات». واستطاعت فيرباوفين إشراك أنيس في كثير من البطولات في بلجيكا وفرنسا. وبينما استقر أنيس في بلجيكا، بعد 4 أعوام من رحيله عن سوريا، فإن يسرا وصلت إلى برلين في سبتمبر 2015، ونجحت في تسجيل اسمها في نادي فاسرفروينده شبانداو للسباحة. ويقول مدربها سفن شبانكربز: «إنها سباحة ماهرة، وهي ذهنيا في حالة جيدة، وتستطيع المنافسة على أعلى مستوى.. إن الموهبة تلعب دورا صغيرا، ويمكنها أن تحسن من الأمر، لكن الأهم هو الحالة الذهنية، وأن تعرف ماذا تريد أن تحقق». وأضاف المدرب الألماني، في مؤتمر صحافي، في مارس (آذار) الماضي، أنه اختار يسرا للانضمام إلى ناديه فور مشاهدتها، وتطور مستواها بشكل كبير على مدار 5 أشهر منذ بدايتها التدريبات. وتابع: «النادي بدأ يتحدث عن إمكانية مشاركتها في أولمبياد 2020 في طوكيو، لكن الأمور تطورت بشكل أسرع من توقعاتهم»، وقال توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: «نساعدهم على تحقيق حلمهم الرياضي، حتى وإن هربوا من الحرب أو العنف». وسيكون الثنائي أنيس ويسرا، إلى جانب 8 لاعبين آخرين، في فريق اللاجئين للأولمبياد، في حفل افتتاح أولمبياد 2016، في ريو دي جانيرو، الشهر الحالي.