في السويد، لا يوجد من يتصل على أحد البرامج الصباحية ليصيح ويشكو: الحقونا من شهرين لم تصل لنا المياه، وفي السويد لا يوجد من يوقع مذكرة من سكان الحي وتسليمها لرئيس البلدية لتأمين حاوية نفايات للحارة بعد أن أكلهم (القارص). وفي السويد لا يوجد أهل متوفى يحطمون أجهزة الطوارئ، لأن أحد الاطباء بدل ان يدخل المريض لغرفة العناية الحثيثة كون الأعراض أعراض جلطة، بينما قرر هو أنها أعراض أنفلونزا، فأعطاه شريط بنادول وكتب له خروجا إلى المقبرة! وفي السويد لا توجد مدارس لم ينجح منها أحد، ولا توجد دوائر حكومية يشكو من خدمتها أحد، ولا توجد حفر في الشوارع يقع بها أحد! ولأن قوانين الانتخاب والأحزاب والحياة السياسية مستقرة ولا تتغير طالما أنها تعبر عن إرادة الشعب السويدي، وطالما أن الفرد السويدي لايشكو رفع الأسعار والضرائب طالما أنه يلمس ما يدفعه في تحسين مرافق المستشفى والمدرسة والشارع، وفي السويد لا يوجد كيلو بندورة اليوم بـ (شلن)، وفي اليوم التالي بحاجة إلى قرض بنكي مع كفلاء اثنين، فعلى الروزنامة الزراعية تستطيع أن تعرف كم سيصبح سعر كيلو البندورة في السويد في عام 2050! بعد أن اكتمل الإصلاح السياسي والمالي والخدماتي في السويد، لم يجدوا شيئا لتحسينه سوى الحياة الجنسية لمواطنيها! فبعد أن أجرت إحدى الصحف مسوحا تبين أن السويديين أقل ممارسة للجنس، أعلن وزير الصحة السويدي عن دراسة لمدة ثلاث سنوات للتأكد من صحة ما نشر ومعالجة هذه المشكلة! نحن أجرينا إحصاء شاملا ومسوحات ومؤتمرات لوضع حلول لمشاكلنا الاجتماعية والخدمية والمالية، ويا ليتنا لم نفعل، فتخيل أن فلسفة المرحوم القذافي في الكتاب الأخصر لا تختلف عن فلسفة بعض المسؤولين الأردنيين في الدوار الرابع لمعالجتها. في الكتاب الأخضر تجد مثلا أن أهم أسباب البطالة هو عدم وجود الوظائف، بينما يرى المسؤول الاردني أن معالجة مشكلة البطالة تتم بوضع خطة لمعالجة مشكلة البطالة، والمصيبة أنه حتى توضع الخطة قرروا وقف التعيينات وكأن الخطة المستقبلية ستتضمن حلا لمشكلة البطالة بدون أن يتم تعيين أحد من العاطلين، وحين تجد في الكتاب الأخضر أن علاج الرشح هو دواء الرشح، تجد أن الحكومة أكثرعمقا في الفلسفة والحلول من المرحوم، فمن باب توفير النفقات ومعالجة عجز الموازنة وجدت أن الحل هو أن تستأجر سيارات لخدمة المؤسسات الحكومية وهي لديها أسطول سيارات حكومية! وإن كان الكتاب الأخضر يرى أن أهم أسباب الطلاق هو الزواج، فقد رأى الفريق الاقتصادي أن أهم تحديات الموازنة هي المديونية، ياسلام، وربما سيرى أحد جهابذة الحكومة مستقبلا أن حل مشكلة المديونية هو سداد الدين، فالحمد لله حمدا كثيرا أن وفقنا الى طريق الخير الصواب، ودخل الحكومة تلك العقول الاقتصادية الفذة، فلتستعد أميركا وبريطانيا وفرنسا للاقتراض من الأردن بعد أن شخّص الفريق الاقتصادي الحكومي أهم تحد للحكومة، وليستعد الشعب الأردني لسنوات الرفاه والترف، وأرجو من أخوتنا الخليجيين أن يقدموا لنا النصح والمشورة بأفضل أماكن التصييف في أوروبا، فأنا سأكون معكم في اوروبا العام القادم، بعد أن اكتشفت الحكومة أخيرا أنّ تحدي الموازنة هو المديونية! تخيل أن الحكومة اهتمت وتدخلت سريعا لمعرفة لماذا بطّل الشعب السويدي البوس، ونحن أجرينا إحصاء شاملا ومليون مسح مالي واجتماعي ولليوم لم تتدخل الحكومة بعد لمعرفة كيف الشعب الاردني عايش! الغد