مع وعد بعودة الانتظام، أعتذر أولاً لقرائي الكرام، وثانياً، لإدارة تحرير هذه الصحيفة الغالية، على الانقطاع المتكرر خلال الأسابيع الماضية. السبب هو الإغراء الهائل في هروبي المتقطع إلى "قوز الجن" لخلوات مساءات مع الرمل والظلام ولذة الوحدة ومرارة العزلة، فما هو (قوز الجن)؟ تلال رملية في الخبت التهامي على مشارف مدينة جازان الاقتصادية، حيث يعيش (القوز) آخر شهوره قبل أن تجرفه معدات التنمية الخلاقة لآلاف المعدات المتناثرة في محيط هذه المدينة الواعدة. المشهد التنموي بعشرات الشركات وعشرات الجنسيات في مشاريع المدينة يأخذ بالألباب، مثلما يجعلني أكثر ثقة في وطني ومستقبله. بضعة كيلومترات مربعة تستأثر اليوم بما يزيد عن ستين ملياراً من استثمارات الدخل البديل، وحسبك أن المشروع الهائل يبني اليوم سبعين ألف وحدة سكنية، وكل وحدة منها تعني ثبات وظيفة وتوطين أسرة. المشروع وحده يجيب على كل أسئلتي الطويلة فيما مضى عن ضرورة توزيع منابت التنمية الوطنية فما هو المطلوب في القادم من الزمن للوصول إلى هذا الحلم؟ المطلب الأول أن تعمل كل الجهات الحكومية والخاصة بروح الفريق بدلاً من نمطية الجزر المعزولة. تستطيع مثالاً جامعة جازان أن تكون المشتل التقني والإداري لتمويل مستقبل هذه المدينة الاقتصادية من موارد العقل البشري عبر (توأمة) توجه برامج الجامعة التعليمية نحو هدف إشغال مئة ألف وظيفة محققة. نستطيع ربط مشاريع وزارة الإسكان في هذه المنطقة العزيزة نحو الربط الثلاثي ما بين مشاريع المدينة وخريجي الجامعة وبرامج الإسكان من أجل بناء الدائرة المتكاملة: شهادة ووظيفة ومسكن. المطلب الثاني، أرفعه لأخي خالد الفالح، رئيس شركة أرامكو السعودية وفيه أقول إن الوقت قد حان لتفعيل (المسؤولية الاجتماعية) في جوار هذه المليارات من المشاريع التي تشرف عليها الشركة. بناء الطرق والمدارس والحدائق وتأهيل الشواطئ حتى يشعر أهل المكان بأنهم شركاء ومستهدفون بهذا "الانقلاب" التنموي المدهش الذي يحيل "أقواز الجن" إلى مدينة اقتصادية عالمية بكل القياسات الملفتة.