منذ عام 1892 قام نادي البارون (بيار دي كويرتان) بإحياء الألعاب الأولمبية القديمة التي أطلقها ملك ليديا عام 776 قبل الميلاد لتكون هدنة للحروب المستمرة بين بلاد الإغريق. وقد برز البارون الفرنسي كمرب عظيم ومتشبع بالروح الإنسانية والذي كان ينشد مجتمعاً قوياً متماسكاً. لقد لاحظ أن الفلسفة التربوية السائدة في عصره لا تتفق مع الطبيعة الإنسانية في غياب جانب أساسي هو الجانب البدني. وهذا الجانب لا ينمو جيداً إلا بالممارسة الرياضية، وما يرتبط بها من قيم خلقية وذهنية واجتماعية وجمالية. وقد نشر دي كويرتان أول مقال تربوي رياضي له في دورية الإصلاح الاجتماعي في عام 1886 يقول فيه: إن الرياضة وسيلة تربوية لا غنى عنها في تدريب الفرد على النواحي الثقافية والأخلاقية والروحية والاجتماعية. لقد بدأ الإغريق فعلاً تطبيق الرياضة كمكمل مهم للتربية من خلال الألعاب الأولمبية، وهي تلك الألعاب التي لقيت شهرة هائلة وإقبالاً كبيراً من اليونانيين القدامى، ثم تصاعدت شعبيتها عندما فتحها الإغريق لسكان المستعمرات تعميقاً لحضارة الإغريق عندما سيطرت الامبراطورية الرومانية على دول البحر المتوسط ومنها اليونان. وفي عام 1892م القى دي كويرتان محاضرة قيمة عن (تطور الرياضة عبر العصور) وجه في نهايتها نداء تاريخياً دعا فيه إلى إعادة الألعاب الأولمبية من جديد، كما دعا في عام 1894 م نخبة من الخبراء إلى الاجتماع في مدينة باريس لتكوين أول لجنة أولمبية من أجل بعث الألعاب الأولمبية من مرقدها. وتمكن البارون دي كويرتان في عام 1894 من تحقيق حلم إعادة بعث الألعاب الأولمبية، حيث وافق المجتمع الدولي على بدء الألعاب الأولمبية الجديدة عام 1896 م. لم يكن الغرض من بعث الألعاب الأولمبية هو الاستعراض الرياضي فحسب، بل هو أيضا لغرس قيم الإنسانية ونبذ الأنانية، وتوفير البيئة المناسبة للتعاون بين الأفراد والشعوب. كما ينبغي أن تنمي الرياضة أهمية الأخلاق والتسامح بين الأفراد، وترسخ فكرة أن الرياضة جزء من التربية ومكون أساسي للحياة الكريمة والمتوازنة. mohandis_49@hotmail.com