يتساءل معلقون إسرائيليون في ما إذا كان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان «غيّر جلده» وبات ما يحلو للإسرائيليين توصيفه «البالغ الذي يتحلى بالمسؤولية»، أم أنه فهم بعد أربع سنوات في منصبه الوزاري أن هذا المنصب يحتم عليه أن يكون ديبلوماسياً وذكياً في علاقاته مع نظرائه في أرجاء العالم، لا رجل سياسة يعنيه أساساً جمهور ناخبيه. ويُطرح هذا التساؤل على خلفية دفاع ليبرمان عن نظيره الأميركي جون كيري الذي تعرض الى موجة انتقادات شديدة اللهجة من وزراء في الحكومة الإسرائيلية لمجرد تحذيره إسرائيل من أن الاستقرار الأمني الذي تعيشه هو وهْم سيتبدد في حال فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين. وأعلن ليبرمان أمس في كلمة أمام حشد من أرباب الصناعة والتجارة في تل أبيب، دعمه الجهود التي يبذلها كيري للتقريب بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، واعتبر أنها ستتيح إدارة مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. كما انتقد زميله في الحكومة، زعيم حزب المستوطنين، وزير الاقتصاد نفتالي بينيت الذي هدّد بالانسحاب من الحكومة في حال لم تتماشَ اقتراحات كيري في «اتفاق الإطار» مع قيَم الحزب. وأضاف ليبرمان الذي شهدت علاقاته بوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون توتراً وشبه قطيعة، أنه لا يستسيغ المنافسة بين عدد من وزراء الحكومة في إطلاق تصريحات فظة وعنترية ضد كيري، «ولا يفهم ما الحكمة في أن نجعل من الأصدقاء أعداء»، مشدداً على أن كيري هو صديق حقيقي لإسرائيل، وأنه يدير عملية مفاوضات بالصورة الصحيحة. وأضاف: «لا نتفق مع كيري في كل شيء، وله الحق في أن يكون له رأي مغاير لرأي بينيت إذ أنه ليس عضواً في منظمة استيطانية». وغمز من قناة بينيت «الذي يطلق تصريحات عنترية ويبدي ملاحظات في كل موضوع ويهدد بالانسحاب من الحكومة»، وقال: «أرى بينيت يركض إلى المايكروفونات، لكنني لا أراه يعدو، رغم تهديداته، نحو مقاعد المعارضة، فثمة فارق بين التصريحات والنيات». واستبعد أن تشهد تركيبة الحكومة الحالية تغييراً على خلفية جهود كيري، وقال إنه وحزبه لن يسمحا بإحداث تغييرات، و»العنتريات لن تساعد، بل يجب التهدئة». وتابع ليبرمان ان إسرائيل تريد التوصل الى اتفاق سلام، «لكن ليس بأي ثمن»، وانها ستصر على ضمان مصالحها الأمنية الحيوية. وقال: «نحن الآن نبلور مبادئ نطرحها على الأميركيين ليتم إجراء المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين طبقاً لها». وأردف ان فكرة تبادل الأراضي والسكان (ضم منطقة المثلث على مئات آلاف فلسطينييها إلى الدولة الفلسطينية في مقابل ضم المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل) «هي جزء من التسوية المستقبلية برأيي ... ولا حاجة لكل من يعرّف نفسه أنه نصير حماس وحزب الله والفلسطينيين، أن يعيش هنا». وتابع بعنجهية: «إذا ما أردنا تطبيق فكرة تبادل الأراضي والسكان، فإن تحقيقها ليس مستحيلاً»، متباهياً بأنه يحمل هذه الفكرة منذ عام 2004 «لأنه في الخيار بين وحدة الأراضي ووحدة الشعب، فإنني اختار وحدة الشعب». ورأى أن ما يحصل من تطورات في العالم العربي «يخلق أمام إسرائيل فرصاً أكثر من ذي قبل، مثل استعداد العالم العربي المعتدل التعاون معنا بشكل أفضل مما كان في الماضي». وتطرق ليبرمان إلى مخاطر تعرض إسرائيل الى مقاطعة اقتصادية بقوله إن ظاهرة المقاطعة تلاحق اليهود منذ عام 1921 وتعرضت لها إسرائيل بعد حرب عام 1967 ثم بعد حرب عام 1973، «لكن تجدر الإشارة إلى أنه في ظل الحديث عن المقاطعة، فإن الصادرات إلى اوروبا ارتفعت العام الماضي بنسبة 8 في المئة». وأضاف مستدركاً: «لا ينبغي الاستخفاف بالمقاطعة، لكن من دون الدخول في حال هستيريا. إننا نحارب هذه الظاهرة بالاجراءات المختلفة، لكن لن أخوض فيها تجنباً لصب الزيت على النار التي تحاول إشعالها المنظمات المتطرفة المبادرة الى المقاطعة». وزاد إن التحدي الماثل أمام إسرائيل هو استقدام 3.5 مليون يهودي إليها «ويجب أن يصل عددنا هنا إلى عشرة ملايين يهودي». على الصعيد الداخلي ايضاً، نقلت صحيفة «هآرتس» عن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قوله إلى أنه لا يفكر بمغادرة «ليكود» على خلفية هيمنة معسكر اليمين المتشدد عليه، وتشكيل حزب جديد على غرار ما فعل سلفه أرييل شارون عام 2005 عندما شكّل حزب «كديما». وأضافت أن نتانياهو أبلغ نواب حزبه هذا الأسبوع أنه لا يفكر قط بمغادرة «القبيلة»، عانياً بها معسكر اليمين الذي اعتبره منذ نشأته «بيته الأيديولوجي». وتابعت الصحيفة أن نتانياهو التزم أمام وزراء حزبه رفض «اتفاق إطار» الأميركي في حال لم يتضمن مبدأين أساسيين تتبناهما الولايات المتحدة: الأول اعتراف فلسطيني بإسرائيل دولة يهودية، والثاني رفض قاطع «لا يقبل التأويل» لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وأشارت إلى أن نتانياهو طمأن وزراءه إلى أن اتفاق الإطار الذي سيطرحه كيري سيكون وثيقة أميركية تعكس مواقف أميركية، ويتيح لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية إبداء تحفظاته ازاء أي بند من بنوده، مثل أن تتحفظ إسرائيل من بند يقول إن التسوية الدائمة ستكون على أساس حدود عام 1967، أو أن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين.