في زمن الوعي العالي تأتي لعبة في نسختها الأولى وتحقق هوساً كبيراً لدى علاقة الإنسان مع المكان، بحثاً عن 150 مخلوق «بوكيمون» على خرائط العالم الواقعي، أو ما يسمى الواقع المعزز augmented reality -AR، تعتمد على الكاميرا والإحداثيات للمواقع التي تسمح بعرض المحتوى الرقمي في العالم الحقيقي بظهور المخلوقات بشكل ثلاثي الأبعاد في موقع الآني، وتقوم بدمج وتركيب الصور الرقمية على العالم الحقيقي، و«بوكيمون» يظهر بذلك على خلفية واقعنا الحقيقي. من ناحية تقنية، ببساطة اعتمد تصميم «بوكيمون» على تقنية الواقع المعزز على Augmented Reality Markup Language ARML لغة توصيف النص المدمج مع إطار الإحداثيات المكاني OGC، والتي يتم تفسيرها وفق قواعد XML، والتي يتم تطوعها وبرمجتها من خلال ARtoolkits وتستخدم برامج مساعدة من برامج التصميم المرئي الثلاثية الأبعاد وتعتمد في الأغلب على المصادر المفتوحة معتمدة في بنائها على تقنيات Java و#C، يكفي أنه وخلال أسبوع على «تويتر» كانت هناك 16 مليون تغريدة ما بين تعليق وكتابة وبحث عن «بوكيمون»، ويكفي أن سهم الشركة المصنعة اليابانية «ننتندو» ارتفع في أسبوع 14 في المئة، بإيرادات يومية بلغت 1.6 مليون دولار، ومن خلال 21 مليون مستخدم نشطاً يومياً في الدول التي أُدرِجت في المتاجر، مثل أميركا ودول أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، ويتم تفعيل بقية الدول تباعاً. والشركة التي طورت اللعبة هي Niantic مملوكة لشركة غوغل، وأنقذت اللعبة مستقبلgoogle Earth، واستغرق العمل لتطويرها خمس سنوات، كما أن كثيراً من بيانات البريد على Gmail تتاح لجعل علاقة المستخدم مع اللعبة أكثر تفاعلاً مع إعلان غوغل تقنين إتاحة البيانات واحترام الخصوصية، وكانت «ديزني لاند» أول من أتاح الفكرة مع الشركة من خلال وجود «بوكيمون» في حديقته. الجزء المثير في اللعبة، الصيد على الخريطة الحية في واقعك الحقيقي ودمج العالم الافتراضي بالواقع، وصناعة بيئة تفاعلية تظهر لنا أنها حية، وكأنك تتلمس «بوكيمون» مباشرة من خلال صيده، وإضافة بيانات جيولوجية بطرق جديدة ومبتكرة، والبحث في المعالم المادية المحيطة على الخريطة، واعتمدت في تطويرها خلال خمس سنوات على وضع قطاع يعمل على الدراسات الإبداعية في تقنية الواقع المعزز AR، وستكمن تلك الإثارة في صناعة المعلومات وحال المجتمعات وكأنك بينهم، والجانب الربحي في اللعبة من وجهة نظري هو حجم المعلومات في تحركات اللاعبين ووجودهم وغيرها، وكذلك خلق السوق الإعلانية الكبيرة والتي ستنعش بدورها سوق الاتصالات في كل الدول، ما سيكون لها دور كبير في خلق صناعة شبيهة بصناعة التفاعل مع Nick Plus، ونموذجها الربحي الذي استطاع إنقاذ شركة Nick الرياضية الشهيرة من الإفلاس، ولكنه نموذج أكثر تطوراً بمراحل وأسرع نمواً، وتبقى مخاطر هذه اللعبة في الإدمان ومزيد من فقدان الخصوصية لمعلومات المستخدمين، وتقديم المعلومات المجانية والتي تجلب من المستخدم بطريقة غير مباشرة. ولن تخلو اللعبة من محاولة اختراق، إذ أعلنت إحدى مجموعات «الهكرز» أنهم سبب تعطل اللعبة في بعض الدول، لكن ذلك لم يثبت حتى الآن، وسوق القرصنة مفتوحة على مصراعيها. أحب أن أنوه إلى أن اللعبة تعتمد على الوجود في مسافة 20 متراً حينها تعتبر أنت داخل هذه النقطة، وغير صحيح الكثير من التهويل من تصوير الأماكن ونظرية التجسس المبالغ فيها، إذ يمكن الصيد من دون الكاميرا على الخريطة الافتراضية مباشرة. المتعة في اللعبة ستأتي في تكوين الفرق وتنشيط شراء الأدوات، وستفتح سوقاً حقيقية لمتاجر بيع أدوات تتفاعل مع اللعبة، ودعم اللعب الفردي والمتعدد، وتكوين المجموعات وتطوير خدمات التواصل بين الأفراد، وأسلوب المنافسة في اتجاهات الخريطة الأربعة. * كاتب سعودي.