مع تقدم التقنيات السريعة وانتشار وسائل الاتصال الاجتماعية أصبح من السهل وبسرعة إطلاع الناس على ما يحدث داخل مستشفى، أو محل تجاري، أو مطعم، أو مطار أو في مؤسسة تقدم خدمات للناس، وبالتالي فإن على أصحاب العمل والمسؤولين أن يحرصوا على نوعية ومستوى الخدمة التي يتلقاها المرضى والزبائن والعملاء والمسافرون، وأن يجعلوا من هذه التقنيات التي تبث المواقف والأحداث دافعا وتحديا لهم يحفزهم على متابعة العمل والتأكد من تطبيق المعايير والمواصفات، وقياس مدى شعور طالبي الخدمة بالرضا، وقبل ذلك كله العمل على خلق بيئة عمل جاذبة وملبية لاحتياجات الموظفين والمستفيدين على السواء، بترسيخ ثقافة عمل يطبقها الجميع حتى في غيبة المديرين والمشرفين، وحتى عندما يطرأ أي حادث، فالموظفون في مثل هذه البيئة يؤدون أعمالهم ويقدمون خدماتهم بالشكل المطلوب ليس من باب الخوف من المحاسبة ولكن لأن لديهم الحافز الداخلي لتقديم الخدمة انسجاما مع الثقافة السائدة في المؤسسة، وحتى من يلتحق في العمل من الموظفين الجدد يجد نفسه ملزما بأن ينخرط في هذه الثقافة. إحدى شركات الطيران الأميركية (Southwest Airlines) تعد حسبما قرأت عنها من أفضل الشركات والأكثر جذبا للمسافرين بسبب تبنيها ثقافة خدمة الزبون فهي تعطي الأهمية في التوظيف إلى قدرة الموظف على تحويل ما تدرب عليه إلى تصرف وسلوك في العمل، وليس إلى الخبرات والمؤهلات أو القدرة على التعلم. فلسفة العمل في هذه الشركة القائمة على خدمة الزبون قولا وفعلا مكنت العاملين المتشربين لهذه الفلسفة، وخولتهم حرية اتخاذ القرار المناسب عندما يتطلب الأمر، وهذا ما منحهم المزيد من الشعور بالثقة والانتماء وعزز ولاء العملاء، فنهج الشركة يقوم على التعامل مع العملاء على أنهم أصدقاء أو أقرباء تراعى ظروفهم النفسية والاجتماعية أثناء الرحلات، وبجانب تقديم العروض المغرية للعملاء، يمكن أن توجه بطاقات أعياد ميلاد لهم، أو دعوات لحضور المناسبات التي تقيمها الشركة، وفي حالات تأخر إقلاع الرحلات توفر لهم أنشطة ترفيهية حتى لا يشعروا بالضجر أو الغضب، وأساليب أخرى كثيرة. ثقافة العمل تتطلب تركيزا ووضوحا وتحديدا للقيم والمعايير الأساسية التي تقوم عليها المؤسسة، وللسلوكيات المرغوبة والمرفوضة بحيث يطلع عليها ويستوعبها العاملون والمتعاملون، ومن الضروري أن يكون هناك اختيار دقيق للقادرين على تمثل تلك القيم والالتزام بها تحت أي ظرف، فإذا كانت المؤسسة تحمل شعارا يضع أولوية لخدمة العميل مثلا فعليها أن تأخذ كل الخطوات التي تضمن تحقق هذا الشعار في الواقع، وإلا أصبح مجرد دعاية كاذبة، فتكرار عبارة «رضاكم هو هدفنا» عبر الرد الآلي في الوقت الذي يطول ويطول انتظار المتصل دون الحصول على الخدمة يزيد من ضيق العميل ويؤثر في مصلحة ومصداقية المؤسسة. siham.alsharekh@hotmail.com