عندما يرنو القمر إلى مجدهِ ويبزغ الشروق بأشعته المخملية فوق صفحات التاريخ. والوثنية التي كانت مجد الإنسان حينما كان إيمانه منطلقاً منها، حتى جاء التصحيح المبين ليوضح معنى الوحدة الكونية. تلك رسالاتٌ خلت لها شأنها ويبقى أثرها خالداً في الذاكرة الإنسانية. حينما يعتليكَ النسيان تذكر أنك إنسان مجد هذا الكيان وعندما تكون في أرضٍ تعمل من أجلها اعلم أنها رباطكَ المقدس تذود عنه وتصد الغزاة وتكسر جيوشهم وأنوفهم ويولون الأدبار مخضعين أذلاء غير مسافحين. فهذا هو الوطن، الذي أنت أحد مكوناته الرئيسة والفعلية. فلا تظن أنك بعيد عنه ولا تظن أنكَ غير مسؤول، فالكل هنا سائلٌ ومسؤول. وإن جادلوك عليه فقل إني له خير معين. فلا يغرنكَ تقلبات الأنفس حين ترى هذه الوجوه والرؤوس المتدحرجة نحو الهلاك بعد أن خُيل إليهم أنهم الحق فوق رؤوس الأشهاد، هي لا تعلو ولا يعلو عليها سوى الباطل، إن الباطل كان مدحورا. هي سنة الأولين والآخرين صراعٌ بين الخير والشر والكل يظن نفسه هو الحق في أيديولوجيته أو عقيدته التي اتخذها وسيلة لجلب منافعه أو أطماعه وفي الغالب هم ضحايا، ووسائل لغيرهم من الطامحين للاستعلاء على الناس بغير وجه حق. فلا تكن من مريتك هذه في أحقافهم وكن عدولاً في حياتك تجد الخير أينما كان. ولا يكن ولاؤك للبعيد فتمجده وتجعله خير الأقربين، فالأقرب أنت مسؤولٌ عنه كما هو مسؤولٌ عنك. مؤسفٌ جداً حينما تتعالى الأصوات فرحاً لصمود ونجاح فئة بعيدة عن موطنك الذي فيه مصيرك، ومؤسفٌ جداً حينما يحقق وطنك انتصاراته لا نرى علامات الابتهاج في وطنيتك، ومؤسفٌ أيضاً ألا نرى نظرات الحزن والأسى حول الأضرار التي لحقت بمقدرات وطنك من آفات الإرهاب وزبانيته. هذه صفحات وكلمات أرادت أن تستنطق معنى الحق الذي لا يحسنه إلا ذو شأن الذي يميز إرثهُ التاريخي ومجده الثقافي ويعرف الشر من نظراته حينما يزمجر بالأرواح ويستبيح الدماء فهذا مؤكد عمل الشيطان، شيطان الأنفس المتمثل في الطمع والجشع الزائد عن حدود المعقول. قد تستغرب أن فرداً أو مجموعة صغيرة أرادت الوصول لشيء أو تحقيق مآرب ذاتية رأيتها تكنز ثروات وأموال طائلة قد تكفي ثلثي العالم وتختزنها في جيوبها ولا تدع منها قليلاً لتطهر أنفسها للفقراء والمحتاجين. فهذا العالم بين يديك صراعهُ بسبب حجب الأموال وحكرها. لو تحقق شيءٌ من العدالة لما سمعت عن الاقتتال والحروب التي راح ضحيتها ملايين الأفراد ناهيك عن تدمير ما أبدعته الطبيعة. والعدالة هي أهم مكون وجودي للعالم وصعب تحقيقه بشكل شامل ويختلف نمطه من حضارة إلى حضارة أخرى ولكن لتسهيل وجود القوانين لا بد من وجود عدالة جادة توضح حقوق الإنسان وحمايته، سواء على الصعيد الفردي أو الاجتماعي. ويصعب تحديد موقف بعينه فالأجدر رؤية الإشكالية من جميع أوجهها.