×
محافظة المنطقة الشرقية

مطالبات لـ «النصرة» بحل نفسها ... وتأسيس «جبهة فتح الشام» - خارجيات

صورة الخبر

حرص رئيس بلدية لندن السابق وزير الخارجية البريطاني الحالي بوريس جونسون طوال عمله مراسلاً لصحيفة «ذا تلغراف» في بروكسيل في ثمانينات القرن الماضي على ترويج الأحكام المسبقة والمفاهيم الخاطئة عن الاتحاد الأوروبي. ويقول الصحافي في «نيويورك تايمز» مارتين فليتشر: «كنت مراسلاً لصحيفة «تايمز» اللندنية في بروكسيل ولمست تعمده خداع الرأي العام البريطاني ونشره معلومات غير دقيقة لتأليب مشاعر البريطانيين ضد الاتحاد الأوروبي الذي يسعى كما كان يردد من اجل قضم اوروبا. ولجأ «جونسون» في رسائله إلى السخرية والتهكم على قرارات تتخذها المفوضية الأوروبية متحدثاً على سبيل المثال عن معايير الأغذية الصحية التي وضعتها المفوضية، مشيراً الى انها تتجه إلى منع رقائق البطاطا ووضع مقاييس للواقي الذكري». وأضاف: «كانت ادارة تحرير الصحيفة البريطانية تطلب مني ان ابعث بتقارير صحافية تهزأ من النخبة الأوروبية الحاكمة التي تنتقد الاتحاد الأوروبي بالطريقة نفسها التي كان يكتب بها جونسون»، منبهاً الى «ان هذه كانت حال كل الصحف البريطانية لا صحف التابلويد فقط». قبل سنوات طويلة من دخوله عالم السياسة كان بوريس جونسون مراسلاً لصحيفة «تايمز» في بروكسيل، لكنها طردته عام 1988 بسبب تضمنيه مقالة كتبها عن حفريات أثرية معلومة فبركها ونسبها الى شخص آخر، ولكنه عاد إلى بروكسيل مراسلاً بعد عام على فصله في 1989. يقول فليتشر: «اكتسب جونسون خلال فترة قصيرة شهرة واسعة ليس بسبب مقالاته ورسائله الصحافية الموضوعية وإنما لاتخاذه موقفاً سافراً مناهضاً للوحدة الأوروبية». خداع الرأي العام بالسخرية حافظت غالبية الصحف البريطانية على هذا السلوك قبل الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ما عدا «فايننشال تايمز» و «غارديان»، فهما الصحفيتان الوحيدتان اللتان اتخذتا موقفاً داعماً للبقاء في الاتحاد غير ان عدد قراء هاتين الصحيفتين قليل للغاية، فضلاً عن ان هؤلاء القراء مؤمنون اصلاً وبقوة بضرورة البقاء. فيما اتخذت صحيفة «تايمز» موقفاً حيادياً من الحدث على رغم أنها خرجت في 18 حزيران (يونيو) بمانشيت يدعو الى البقاء في الأوروبي على خلاف الصحف الثلاث الأخرى «تلغراف» و «ديلي ميل» و «ذا صن» التي تميزت بالتعبير عن موقف صارخ في عدائيته للاتحاد، عازفة على وتر السياسي الشعبوي زعيم حزب الاستقلال المستقيل نايجل فاراج وترداده أن بريطانيا تدفع للاتحاد اسبوعياً 350 مليون جنيه استرليني، وأن تركيا ستنال عضويته، وأن المهاجرين يحطمون منظومة البلاد الاجتماعية، اضافة الى ان بريطانيا بعد خروجها ستصل الى السوق الأوروبية المشتركة من دون ان تستقبل اللاجئين والمهاجرين. يتضح من استطلاع اجرته جامعة لافبره الإنكليزية المرموقة ان «82 في المئة من المقالات والتعليقات والتحقيقات والتقارير التي نشرتها الصحف البريطانية كانت لمصلحة الخروج من الاتحاد». ويرى فليتشر أنه «لا ينبغي تجاهل مسألة مهمة للغاية وهي أن هذه الصحف دأبت سنوات طويلة على خداع الرأي العام في ما يتعلق بالخسائر الجسيمة التي تتكبدها بريطانيا من العضوية في الاتحاد متجاهلة دوره في تأمين السلام العالمي والاستقرار السياسي والأمن القومي الأوروبي». انعدام توازن اسابيع مرت على الاستفتاء على «بريكست» وبريطانيا لا تزال تتعثر وتترنح خارجة عن السيطرة في سياقات المعطيات الجديدة التي دهمت المجتمع والساسة البريطانيين الذين ظهر انهم لا يملكون رؤية واضحة ومحددة عن المرحلة ما بعد الخروج الذي يبدو ان احد اكثر الفرحين به هو القطب الإعلامي روبرت مردوخ الذي يملك اكثر من 175 صحيفة من بينها «تايمز» و «صنداي تايمز» و «ذا صن» الشعبية و «نيويورك بوست» و «وول ستريت جورنال». اضافة الى امتلاكه 25 مجلة من بينها «TV guide» و «ويكلي ستاندارد» مجلة المحافظين الجدد. ومردوخ رجل اعمال استرالي اميركي من مواليد العام 1931، يعتبر احد اهم اقطاب التجارة والإعلام وأحد الداعمين لسياسات الصقور والمحافظين. وأصبح مديراً عاماً لشركة «نيوز ليميتد» في استراليا والتي ورثها عن والده في العام 1952، وهو مؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة القابضة للإعلام الدولي «نيوز كوربوريشن» التي تتبع لها قناة «فوكس نيوز» الأميركية الإخبارية. يشترك مردوخ في ملكية سبع شبكات تلفزة في استراليا وإيطاليا وشبكة سكاي ايطاليا وقنوات «تي في ستار» الموجهة إلى الشرق الأوسط و تبث الى 53 دولة، ولديه حصة في شبكة «فوكس» الألمانية وقناة «فوكس» في اميركا اللاتينية، اضافة الى شركة «فوكس القرن العشرين» للسينما احدى اهم شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي ومحطة تلفزيون» دايركت تي في» التي تعد اكبر الفضائيات في الولايات المتحدة. الخروج من السجن تميزت صحف مردوخ في بريطانيا بموقفها الداعم للخروج من الأوروبي، فقبل ايام معدودة من الاستفتاء كتبت صحيفة «تايمز» مقالاً افتتاحياً ساوت فيه بين خروج بريطانيا من الاتحاد وعملية هروب من السجن. وقال مردوخ الذي حصل العام 1985 على الجنسية الأميركية: «نحن اتخذنا قراراً مهماً يشبه قليلاً عملية الهروب من السجن، نحن نختار الخروج... أشعر بسعادة غامرة للإمكانات والفرص التي اتيحت للبلاد الآن بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي». يعلق مراسل مجلة «دي تسايت» الألمانية في لندن: «عندما يتحدث مردوخ عن «امكانات وفرص» فإنه بعد مرور فترة ليست طويلة سنسمع بعقد صفقة شرائه ميديا جديدة»، منبهاً الى ان «مجموعة نيوز كوربوريشن اعلنت قبل ايام صفقة شراء شبكة البث الإذاعي «وايرليس غروب» بمبلغ 220 مليون جنيه استرليني». وتحدثت صحف ووسائل اعلام كثيرة بريطانية وأوروبية عن توافر فرص نادرة امام مردوخ بعد «بريكست» لأنه سيستفيد من تراجع اسعار الأسهم في البورصات بسبب نتائج الاستفتاء في توسيع امبروطوريته الإعلامية. وقالت الخبيرة في شؤون الميديا فيسيسلافا انطونوفا لـ «الحياة» ان «مردوخ قد يستغل الفرصة الراهنة للحصول على حزمة الأسهم في شبكة «سكاي» التلفزيونية للتحكم في المحطة التي يملك فيها الآن اسهماً نسبتها 39 في المئة». ليس من عادة مردوخ اخفاء ميوله واقتناعاته السياسية وانحيازه الى اليمين المتطرف، فهو يدعم بصراحه المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، والتيارات الشعبوية في اوروبا، الا انه لم يسجل اي ملاحظة او رأي يتضمن توقعاته وتكهناتـه عن المسار الذي سيتخذه الاستفتـاء البريـطانـي قبل ايـام من اجرائه، وفي المقابل افردت صحيفة «ذي صن» التي يمتلكها ويحدد سياستها التحريرية وتطبع يومياً «1.7 مليون نسخة» ما يكفي من مساحاتها لنشر مقالات وتقارير تؤيد وتدعم في شكل قاطع بريكست. وذهبت هذه الصحيفة الى الأبعد بنشرها في آذار (مارس) الماضي مقالة ضمنتها معلومة تفيد بأن الملكة إليزابيث الثانية تدعم الخروج البريطاني من الاتحاد ما اثار ردود فعل عنيفة في القصر الملكي دفعت مجلس الرقابة على وسائل الميديا في بريطانيا الى توجيه توبيخ لرئاسة تحرير الصحيفة. ويوم الاستفتاء كتبت «ذا صن» على صدر صفحتها الأولى «إنه يوم الاستقلال» وقالت: «اليوم بمقدوركم ايها البريطانيون تحرير بريطانيا العظمى من قيود الاتحاد الأوروبي وبراثنه». وليست «ذا صن» وحدها التي دعت إلى التصويت على الخروج، بل كل صحف مردوخ والغالبية العظمى من الصحف البريطانية. وتشير دراسة صادرة عن «معهد دراسة وتحليل وسائل الميديا» التابع لجامعة أكسفورد الى انه «من اصل 928 مقالة تحليلية نشرتها الصحف البريطانية بعد شهرين من خطاب رئيس الحكومة ديفيد كامرون الذي اعلن فيه موعد اجراء الاستفتاء، 27 في المئة فقط منها دعمت البقاء، مقابل 45 في المئة للخروج، فيما 19 في المئة اتخذت موقفاً متردداً، و4 في المئة من دون اي موقف او رأي». ركزت صحيفة «ذا صن» ومعها صحيفة «ديلي ميرور» على موضوعي السيادة الوطنية والمهاجرين، في حين تناولت صحف مثل «التايمز» و «ديلي تلغراف» و «الغارديان» في شكل خاص النتائج والآثار المتعددة الأشكال التي ستنجم عن الخروج او البقاء. وفي مقالاته التي كتبها من بروكسيل لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمـيـركية وجـه فـليـتـشر انـتـقـادات لاذعــة للصحف البريطانية، ومما قال: «ينبغي ألا يتعجب او يندهش اي شخص إذا صوّت البـريـطانـيـون لمصلحة الخـروج لأنـه ومنذ سنوات طويلة تقوم الصحف البريـطانية بتضليل متعمد لقــرائـــها عبر ضـخ المعلومات الكاذبة ونشر الآراء والطروحات التي تنقصها الدقة والصحة والترويج لقصص مختلقة قاتمة المحتــوى عن الاتحاد الأوروبي».