تُولد الكثير من التكنولوجيا بضجة.. سماعات الواقع الافتراضي! والصواريخ المتجددة! وأما التكنولوجيا القديمة فتموت غالباً بأنين! وهذا هو الأمر بالنسبة لمسجل الفيديو كاسيت. فقد قالت آخر شركة معروفة أنها لا تزال تصنّع هذه التكنولوجيا، «فوناي كوربوريشن أوف جابان» في تصريح يوم الثلاثاء انها ستوقف تصنيع مسجلات الفيديو كاسيت في نهاية هذا الشهر بشكل أساسي بسبب الصعوبة في الحصول على القطع المكونة له. وقد نقلت صحيفة «نيكاي» اليابانية في تقرير عن زوال المسجل الوشيك في أوائل هذا الشهر. لقد مثلت الأخبار حشرجة الموت لهذه التكنولوجيا التي كانت تعتبر ثورية عندما قُدمت في الخمسينات. وقد استغرقت مسجلات الفيديو كاسيت عدة عقود لتشق طريقها إلى بيوت المستهلكين ولكنها في ذروتها كانت منتشرة في كل مكان بل كانت مهيمنة! ووفقًا للشركة التي أدلت بالتصريح: نحن المصنِعون الأخيرون لمسجل الفيديو كاسيت في كل أنحاء العالم. وقد باعت الشركة 750000 جهاز في انحاء العالم في عام 2015 منخفضة عن ملايين كانت تباع في عقود سابقة. في عام 1956، قدّمت «أمبكس إلكترونيك أند مانيفاكشرور كومباني» ما سمّاه موقعها «أول مسجل فيديو كاسيت. وقد وصف مهندس أمبكس، فريد بفوست، شارحاً ومبرهناً التكنولوجيا إلى تنفيذيي سي بي إس للمرة الأولى. كانت التكنولوجيا غير معروفة لهم، فسجّل «بفوست» الحديث الرئيسي الذي قدمه نائب الرئيس في الشبكة الاخبارية. يقول: «وبعد أن أعدت شريط الفيديو كاسيت وضغطت زر التشغيل لهذه المجموعة من التنفيذيين، شاهدوا إعادة عرض فورية للحديث. وسادت عشر ثوانٍ من الصمت والوجوم حتى أدركوا فجأة ما شاهدوه لتوهم في العشرين شاشة مراقبة في ارجاء الغرفة. ثم اندلع هرج ومرج مع تصفيق شديد وابتهاج دام لخمس دقائق كاملة. وكانت تلك المرة الأولى في التاريخ (خارج أمبكس) تُشاهَد اعادة فورية بنوعية عالية لأي حدث». وفي ذلك الحين، كان الجهاز يكلف 50000 دولار! ولكن ذلك لم يوقف الطلبات لوضع مئة منهم في الاسبوع الذي عرضوا فيه للمرة الأولى، وفقا لما كتبه «بفوست»: وهذا يمثل مبلغاً يصل تقريباً لدخل أمبكس الصافي لسنة كاملة. وأُطلِقت أول دفعة من مسجلات الفيديو كاسيت المنزلي في الستينات، وقد توفرت على نطاق واسع للمستهلكين في السبعينات، عندما بدأت تتنافس تصميمات سوني «البيتا ماكس» و«جي في سي» والـ «في إتش إس». وقد كسبت المنافسة الـ «في إتش إس» في العقد التالي، لكن سوني أوقفت انتاج أشرطة البتا ماكس في عام 2016 فقط. وبحلول الثمانينات، كان يمكن أن تجد مسجلات الفيديو كاسيت مع الأمريكيين العاديين. وفي يونيه 1984، كتبت الـ «نيو يورك تايمز» أن المحللين يتوقعون أن يحصل على الجهاز 15 مليون بيت مع نهاية السنة أكثر بخمسة ملايين مما في عام 1982. ويشرح دليل للمستهلك نُشر في «التايمز» عام 1981، عندما تراوح سعر المسجل من 600 دولار إلى 1200 دولار، كيفية الاستعانة بالجهاز: في الحقيقة، مسجل الفيديو كاسيت يجعلك مستقلاً عن مواعيد برامج التلفزيون. فهو يدعك تخلق وقت الذروة الخاص بك. تشغّل المؤقِت وتترك المسجل يسجل لك آلياً البرامج التي تريد مشاهدتها ولكنك لا تستطيع. فيما بعد، تستطيع أن تشغل الشريط على راحتك. أو يمكنك أن تسجل على شريط برنامجا ما بينما تتفرج على برنامج آخر، وبذلك لا تفقد مشاهدة أي منهما. ولكن خلال عقد فقط، صارت هذه التكنولوجيا شائعة كجزء من مستلزمات المنزل، وبتقديم جهاز الـ «دي في دي» في عام 1995، بدا أن أجراس جنازة التكنولوجيا الأقدم «مسجل الفيديو كاسيت» بدأت تُقرع. وفي عام 1997، عندما طُرحت مسجلات الـ «دي في دي» للمستهلكين، لم يخف تقرير للتايمز حماسه للأفق الجديد. «أطلقوا النفير، واضربوا الطبول. قرص الفيديو الرقمي، أو «دي في دي» هنا» وفي غضون خمس سنوات، فاقت مبيعات الـ «دي في دي» مبيعات الفيديو كاسيت. ولكن في أقل من عقد من الزمن بعد أن بدأت سيطرة الـ «دي في دي» بدأ يلوح في الأفق شبح تدفق الفيديو، فقد دشن عنوان رئيسي للتايمز عام 2012 انهيار الجهاز ضمناً، بينما دورة تكنولوجيا الحياة تستمر في انتاج زبدها: «وداعاً أيها الـ «دي في دي»، مرحباً بالمستقبل». عن الـ «نيويورك تايمز»