×
محافظة المنطقة الشرقية

بتلكو تحذر زبائنها من أحدث رسائل إلكترونية مخادعة

صورة الخبر

يلف سياسة إيران الخارجية دائمًا الغموض، الأمر الذي سبب إشكالية في التعامل معها، سواء على المستوى التحليلي النظري، أو على المستوى العملي، وبعد التدخل الأمريكي الغربي في حرب الخليج الثالثة، وسقوط النظام العراقي الذي كان يشكل جبهة قوية عملت على صد طموحات إيران في الهيمنة أخذ النفوذ الإقليمي لإيران في التصاعد والبروز، محاولةً أن تستغل ما لديها من أوراق تؤهلها في بسط نفوذها داخل محيطها الإقليمي، بغية لعب دور قيادي، يعكس قدراتها وإمكانياتها الحقيقية، وثقلها الحضاري والتاريخي، وهذا ما يعتبر إحدى الإشكالات التي واجهت إيران في سياستها الخارجية مع جيرانها في الخليج والعالم العربي، حيث تباينت سياستها بين المثالية والواقعية، في القول والفعل. وبالنظر للسياسة الخارجية الإيرانية، نجد أن الخليج يمثل حجر الزاوية في صناعة سياستها الخارجية، فالعامل الجغرافي بسبب تشاركها مع إيران الحدود، وكونه ممرًا مائيًا فائق الأهمية، ومركزًا للتجارة، فضلاً عن كونه المصدر الرئيسي للنفط والغاز في العالم. وترتكز محددات السياسة الخارجية الإيرانية وفق مسارين متوازيين أولهما أيديولوجي يرتكز على سياسة معادية للولايات المتحدة واستراتيجياتها في الشرق الأوسط، ومعارضتها لدولة إسرائيل، وتأكيد هيمنتها الإقليمية، من خلال مناهضتها الولايات المتحدة باعتبارها القوة المهيمنة في الإقليم، وثانيهما مسار براجماتي منفعي تكون المصلحة هي حجر الزاوية في تعاطيه مع الأحداث والمتغيرات. وينطلق صانع السياسة الخارجية الإيرانية في اتخاذ قراراته، والتعامل مع التطورات الدولية وفق أغلب المحللين السياسيين على مرتكزات وقيم أساسية، أولها مرتكز القومية الفارسية والاعتزاز، حيث تعتبر إيران واحدة من أكبر الإمبراطوريات القديمة، ومن أهم دول العالم تاريخيًا، وهذا أمر انعكس على السياسة الخارجية الإيرانية، وتفضيل مرتكز القومية الفارسية على ما سواه من المرتكزات الأخرى. وثانيها مرتكز المصلحة، وعلى رغم من كل ما يتبناه الخطاب الإيراني من قيم ومبادئ عن طريق رفع الشعارات في هذا الصدد تبقى المصلحة هي حجر الزاوية في تعاملاته مع التطورات الدولية، وهي العامل الرئيس في صنع السياسة الخارجية الإيرانية، وحين تتعارض القيم التي يرفعها الخطاب السياسي الإيراني مع مصلحة الدولة يتم تأويل ذلك بسوق المبررات الكفيلة بتحقيق المصلحة، وشرعيتها قيميًا وأخلاقيًا، والحيلولة دون أن تصطدم بالمرتكزات الأخرى، فإذا كانت مصلحة النظام الإيراني تقتضي الحوار مع أمريكا، فإن النظام على استعداد للحوار معها حتى في قعر جهنم، كما يقول محمد جواد لاريجاني رئيس لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية، وشقيق كل من رئيس السلطة التشريعية والقضائية في إيران، وثالثها مرتكز الدين كون إيران الدولة الشيعية الوحيدة، ولعبها دور القائد بالنسبة لأتباع المذهب الشيعي حول العالم، فقد أصبح هذا المذهب، ومن يتبعونه أحد أهم المرتكزات في صنع القرار السياسي لدولة إيران، وأصبح هذا المرتكز جزءًا أصيلاً في الدستور الإيراني، وتسعى إيران منذ بزوغ ثورتها الإسلامية، والتي تعتبر الثورة الإسلامية الوحيدة عبر التاريخ إلى طموح بناء ذاتها كقوة إقليمية كبرى، والرغبة في الهيمنة الإقليمية، ولعب دور محوري بارز في الإقليم والعالم، واعتمدت إيران في تحقيق الهيمنة على شقين رئيسين، وهي القوة الصلبة (العسكرية)، والتي تعمل على تطويرها رغم كل الصعوبات التي تقف أمامها في ذلك، ولعل ما عرف مؤخرًا بتوقيع اتفاقها النووي مع الدول 5+1 تتويجًا لجهودها لبناء قوة عسكرية، والشق الثاني كان القوة الناعمة التي تسعى من خلالها إلى إيجاد بيئات حاضنة تتقبل وتؤيد طرحها الساعي للهيمنة في العالم العربي، وذلك عن طريق الأقليات الشيعية في الخليج والعالم العربي والإسلامي، ويعتبر العامل الأيديولوجي من أبرز أدوات القوة الناعمة، في السياسة الإيرانية، وتم المزج بين الأدوات الدينية والأدوات الديمقراطية الغربية، وتشكّلت بنية أيديولوجية لإيران الجديدة بعد الثورة، من حيث معاداتها للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وتصديرها دعايتها التي قامت على معاداة إسرائيل كونها ذراع أمريكا في المنطقة، ودعمها للجماعات الفلسطينية الراديكالية مثل حماس والجهاد الإسلامي، ومساهمتها في إنشاء حزب الله اللبناني، ودعمها لنظام الأسد في سورية. وعند استخدام إيران للورقة الشيعية لا يعني أنّها تُخضع سياستها الخارجية ومصالحها القومية لاعتبارات طائفية دينية، بل على العكس تمامًا فإنّ إيران تقوم بتوظيف مثل هذه الورقة المهمة لخدمة مصالحها القومية ونفوذها الإقليمي، وتبقى المصلحة عاملًا مهمًا، في صنع السياسة الخارجية الإيرانية، وحين تتعارض القيم التي يرفعها الخطاب السياسي الإيراني مع مصلحة الدولة يتم تقديم المصلحة وتصبغ عليها صبغة قيمية، ونعلم أن المحدد الأيديولوجي يلعب دورًا مؤثرًا في عملية صنع القرار في إيران بحكم الطبيعة الإسلامية للثورة ونظامها، ولكن لإيران شأنها شأن أي دولة أخرى أهداف ومصالح قد لا تتحقق في ظل الالتزام الصارم بالأيديولوجية المعلنة، مما يفرض نوعًا من المرونة بين العامل الأيديولوجي ومصلحة دولة إيران، لا سيما في ظل عملية التحول التي تعيشها إيران في السنوات القليلة الماضية من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: مرتكزات السياسة الخارجية الإيرانية.. المصلحة والعامل الأيديولوجي