أكمل فلاحو ومُزارعو محافظة الأحساء جاهزيتهم واستعدادهم للقيام بعملية التنبيت (اللِّقاح) للنخيل خلال الأيام القليلة المقبلة خاصة مع قُرب دخول نجم سعد الذابح وهو نجم معروف لدى الفلكيين بشدة برودته- وعلى إثر ذلك انتشرت في أسواق الأحساء الشعبية وفي بعض الطُرقات الزراعية باعة نبات التلقيح والمعروف بـ(السٍّف) وجمعها السِّفوف- وخاصة القرى الشرقية والشمالية- حيث تكثر مزارع النخيل هناك- وفي البداية يتم التلقيح للنخيل البواكير، وذلك بالطبع تشهده جميع مناطق ومحافظات المملكة، كون أن موسم التنبيت يكون في وقت واحد (تقريبًا)، ولكن قبل موسم التنبيت تمُرُّ النخلة بمراحل عدة، لكي تكون في حالة جيدة. وعن هذه المرحلة، التي تمرُ بها النخلة يقول المزارع- علي محسن بن منصور- تُترك النخلة ومنذ انتهاء موسم الصَّرام لمدة 120 يومًا تقريبًا، لكي تكون جاهزة لموسم التلقيح، بعد ذلك تبدأ عملية العَمَار للنخلة، أو ما يعرف لدى الفلاَّحين والمُزارعين (بالنِّدار والتحويض) وهي عملية تنظيف التربة للنخلة وتزويدها بالسماد، ثم تبدأ عملية الشحاط والبطاط للنخلة، والشحط هو نزع الخوص اليابس، بينما البط يتمثل في قطع الكرب من النخلة، بعد ذلك تأتي مرحلة الجنامة وهي نزع الشَّوك من سعَف النخلة، سواء باليدين أو المحش لكي تكون جاهزة للتنبيت. ويتحدث المُزارع عيسى منصور فيقول تلقيح النخيل بالنبات يتم من خلال أخذ من ذكر النخيل (الفَّحَّال) مايعرف عند الفلاحين بــ(السِّف) بحيث يؤخذ من السِّف ثمانية إلى تسعة شماريخ- أو عذوق وتوضع في الهِرا، بعد أن ينشق (ينفتح) اللِّحاء وتوضع تلك الشماريخ في الوسط، ومن ثم تغطَّى باللِّيف وتربط بالخوص، ويصبح بعدها عُذقًا. وتتراوح قيمة السِّف من 50 إلى 150 ريالا، ففي البداية يكون رخيصًا لأن عدد النخيل التي ستنبّت (تُلقَّح) قليلة ويكون النبات متوفر، ولكن حين يبدأ تنبيت رطب الخلاص فإن سعره يرتفع حتى يصل إلى 180ريالاَ نظرًا لكثرة أعداد نخيل الخلاص. وأول ما يبدأ تنبيته من النخيل (الطَّيار، ثم الغَر والمِجناز، والشِّيشي والشِّبيبي والخُنيزي، ويأتي بعدها نخيل الخلاص، والَّشهل وأم رحيم والخِصاب، والهِلالي. ويقول المُزارع محمد الخليفة، إنَّ عملية التنبيت تتم بطريقتين، الأولى يكون بعض أنواع السِّف فيه قمحٌ كثير (بودرته كثيرة) فتؤخذ تلك البودرة وتوضع في قطعة قماش، ويتم ضرب القماش على عذق النخلة بحيث يسقط جزء من البودرة داخل العذق وبذلك تتم عملية التنبيت، والطريقة الثانية عدم لَف العُذق نهائيًا وتسمى تلك الطريقة (بياض) أي أن العُذق يبقى أبيض لا يُلَّف ويبقى مكشوفًا، ولكن هذه الطريقة غير مُجدية لأن المطر حينما يسقط فإنه يزيل اللقاح لأن ليس هناك شيء يحميه على العكس من تلك الطريقة، التي يُلَف فيها العُذق باللِّيف. وهناك بعض أنواع النخيل مثل الخلاص لا ينعقد (يتلقَّح) إلاّ بالقمح والبعض الآخر بالعكس لا ينعقد إلا بالشَّماريخ، ويعرف المزارعون الطريقة الأنسب للنخلة نتيجة الخبرة الطويلة والممارسة. وتأتي فائدة لف العذق بالليف لحمايته من الجراد أو الطيور أو حتى الفئران، التي تصعد النخلة لتأكل اللقاح لأن رائحته طيبة وتشُمُّها كل الحيوانات من بعد، واللِّيف أفضل لأنه جيد التهوية ويسمح بمرور الهواء بشكل سهل، كما يقول المزارع محمد محسن. المزيد من الصور :