يمكن القول إن صحة الأبدان أهم مقومات التنمية واشتراط توفر صحة البدن يسبق أي أساس من أسس استهداف واستدامة التنمية. وفي ظل نقص المستشفيات في المدن الكبيرة قبل الصغيرة يسيح الناس على أبواب المستشفيات الحكومية في مواعيد متباعدة قد يتمكن المرض من بعضهم قبل أن يتم الكشف عليهم، وبعضهم (يحوس) بحثا عن واسطة أو أمر يدخله ضمن المحظوظين بتلقي العلاج.. وهذا الوضع معروف لدى الجميع ومع ذلك لم تتسارع الخطى في إيجاد الحل الناجع لقضية توفر العلاج المريح الذي يحافظ على سلامة الجسد وعدم إراقة الوجه، ولهذا مازال انتظار تعميم التأمين الطبي يشغل بال المواطنين وهم يتحينون كل قرار صادر لعله يعفيهم من جزعهم وانتظارهم الطويل.. وفي عهد سابق بادرت وزارة الصحة بإلزام القطاع الخاص بالتأمين على موظفيه، وفي حينها صرحت الوزارة أن الخطوة التالية سوف تشمل إيجاد تأمين طبي لكل المواطنين، وذهب الوعد والموعد ومازال المواطنون ينتظرون. وحينما أقر مجلس الضمان الصحي إلزام أسر المقيمين بالمملكة بالتأمين الطبي، مؤكدا أن التأمين يعد شرطا أساسيا لإصدار أو تجديد الإقامة بالجوازات عقب الربط الإلكتروني عن طريق مركز المعلومات الوطني. كان السؤال، متى يتم تكريس الاهتمام بصحة المواطن وإيجاد تأمين صحي يقيه عنت ما يجده من (مرمطة) على بوابات المستشفيات المحدودة والمتواضعة في خدماتها (بسبب الكثافة العددية للمرضى وقلة الكوادر الطبية وضعف التشغيل) ؟. و(متى) هذه لا تحتاج إلى تصريح لكي يقول مازال الوضع تحت الدراسة، إذ إننا تحت تلك الدراسة حتى (طلعت) أمعاؤنا من عيوننا!. وإن قيل إن المستشفيات الحكومية تقوم بالغرض، فليسأل أي مسؤول بوزارة الصحة عن حال الأسرّة، فكل مستشفى يشتكي من قلة الأسرّة. ومعضلة الأسرّة غدت هي الشماعة التي تحملها المستشفيات الخاصة والحكومية، ولم يعد حال المستشفيات الخاصة كسابق عهدها إذ إن نظام التأمين حولها إلى سوق مزدحم لايمكن المريض من دخوله، فبمجرد أن تصل إلى الطوارئ تجد الاعتذارات لعدم توفر سرير ومطالبتك بالانتقال إلى مستشفى آخر، فتحمل مريضك وسط الاختناق المروري وغياب أو عدم وجود طريق للطوارئ وتدور المدينة بحثا عن مستشفى يقبل أو لديه الإمكانية الطبية لاستقبال مريضك.. الواقع لا يجمل بتصريح أو نفي فمن يده في النار ليس كمن يده في الماء.. ولهذا كيف يمكن إيجاد تأمين طبي وضمان خدمة متقدمة، فالمستشفيات الخاصة غدت أسوأ من المستشفيات العامة. وبكل صراحة وقبل إقرار نظام التأمين الطبي يجب تصنيف المستشفيات وفق جودة أدائها لكي ترتقي الخدمة الطبية، ولذلك أوجد لنفسي (خط رجعة) إن كان التأمين سوف يحل علينا بهذا الوضع الذي تعيشه المستشفيات الخاصة (فبلاش منه) وتركنا نقف على بوابات بدلا من أن نحمل تهمة أننا مدللون. ها هو الوضع كما قبل المطالبة بالتأمين الصحي الفرق أنه مازال شارة فشل ضخمة لكل جهة معنية بسلامة المواطن. عكاظ