تزداد يوماً بعد يوم ظاهرة هروب اللاعبين الوطنيين، بحثاً عن مستقبل أفضل في ظل وضع كئيب للكرة الكويتية، وخيارات أحلاها مر، فإما القبول باستعباد من الأندية غير مدفوع الثمن، أو الرحيل إلى احتراف وهمي في دوريات لن تضيف شيئا سوى بعض الدولارات. بات اللاعب الكويتي لا يأبى بأي عواقب من جراء الخروج من ناديه من دون الحصول على الموافقات اللازمة، سواء الأدبية، أو الرسمية، استغلالا للوضع الذي تعيشه الكرة في الكويت، ووضعها على قائمة دوريات الهواة، وهو ما يتيح الخروج منها، من دون قيد أو شرط. في السابق كان اللاعب يخشى من غضبة، ناديه والجماهير، وربما كان جاهلا بإمكانية رحيله من دون قيد أو شرط، لكن بعد أن ضاق ذرعاً من سطوة الأندية، والتي وصلت إلى حد الاستعباد من جراء استمارات وقعوا عليها وهم في مرحلة الصبا، من دون معرفة عواقبها، استغلتها بعض الأندية أسوأ استغلال، في التحكم في أقدار اللاعبين، قرروا الحصول على صك الحرية بأي ثمن، للتحرر من عبودية أندية طالما استعبدتهم من دون مقابل. ولعل ما ذكره أحد اللاعبين المعتزلين، في ناد صغير، والذي جاءته فرصة عمره بالانتقال إلى أحد أندية القمة نظير مبلغ مالي كبير، لكن فرحة هذا اللاعب لم تكتمل، بعد مساومة من اعضاء إدارة هذا النادي للاعب، فإما أن يتنازل عن النصيب الأكبر، وإما إفشال الصفقة، ليتنازل اللاعب مرغماً عن جل نصيبه. وهكذا تعاملت بعض الأندية، لتزيد رغبة اللاعبين في ضرورة البحث عن مخرج، مهما كلفهم هذا الأمر، ليأخذ اتحاد الكرة المبادرة ويتصدى نيابة عن الأندية لهذه الظاهرة، ويقرر تفصيل قانون كما هي العادة على مقاس بعض الأندية، حيث عامل اللاعب الذي يسلك هذا الطريق معاملة اللاعب المحترف، ليهدأ الموقف ويتوقف هروب اللاعبين. وفي الموسم الماضي قرر سيف الحشان، الذي كان يحظى بشعبية جارفة في القادسية، الى جانب مكانة خاصة في قلوب الجماهير، لمهارته الفريدة، وأخلاقة الحميدة، أن ينتقل الى الشباب السعودي من دون موافقة القادسية، ولاقى انتقاله عاصفة من الغضب، وانقسمت الجماهير ومحبي اللاعب بين مؤيد ومعارض، لكن المحصلة جاءت لصالح الحشان، ولمن بعده من اللاعبين، حيث باتت القناعة لدى الجماهير، وحتى الأندية، في أحقية اللاعب في البحث عن مستقبله، ورزقه من كرة القدم، التي ارتضى لها أن تكون وظيفته، شرط أن يكون الانتقال الى عالم الاحتراف الخارجي، بصورة مناسبة، بمعنى أن يكون العرض المقدم لائقا باللاعب والنادي، وهو ما حدا بإدارة القادسية الموافقة على احتراف فهد الأنصاري في الاتحاد السعودي، ومنح اللاعب ما قيمته 75 في المئة من القيمة المالية للعقد. نقطة الصفر لكن بعد أن تقدمت الخطوات، وبات القبول موجوداً في الأندية، لانتقال أي من اللاعبين، عاد الوضع إلى نقطة الصفر، بعد تهديد مهاجم كاظمة يوسف ناصر، ومن بعده عمر الحبيتر لاعب خيطان، ومن ثم فيصل زايد لاعب الجهراء، والعديد من اللاعبين، برغبتهم في الخروج من الباب الخلفي، بطرق غير شرعية، وبقيمة عقود لا ترتقي إلى مواهب هي من الأفضل في الكويت. حجج واهية من جانبه، أكد أمين سر كاظمة يوسف بوسكندر أن الأندية ومجالس الإدارات لا تقف أمام مصلحة اللاعب، بل على العكس تحاول مساعدته، إدراكاً منها بحقه في تأمين مستقبله. وقال بوسكندر إن كاظمة لا يمانع منح أي من لاعبيه فرصة الانتقال الى الخارج، طالما كان العرض المقدم مناسبا للاعب والنادي. وأضاف "للاسف، هناك من الأندية الخارجية من يحاول أن يقتات على أوجاع الكرة الكويتية، ويحاول استقطاب اللاعبين في الكويت بأرخص الأثمان، وبصورة لا تتناسب مع قيمتهم الحقيقية". وطالب بوسكندر اللاعبين بالانتباه لهذا الفخ، بخوض تجارب احتراف وهمية، لن تساعد على ثقل مواهبهم، بل ستنعكس هذه التجربة سلبا عليهم. إعطاء الفرصة بدوره، شدد المدرب الوطني محمد إبراهيم على ضرورة منح اللاعبين حريتهم، وتسهيل مهمتهم متى أرادوا الخروج للاحتراف، وقال انه لم يمانع يوما في تسهيل مهمة اللاعبين للاحتراف، لقناعته أن اللاعب الذي يشعر بالظلم في ناديه، وانه فقد فرصة ثمينة، لن يؤدي بالصورة المطلوبة. واعترف إبراهيم أن الوضع الحالي للكرة الكويتية أصاب اللاعبين، كما جميع الرياضيين بالإحباط، وهو ما اعاد ظاهرة هروب اللاعبين إلى الواجهة من جديد. غير نادم من جانبه، أكد الحارس الدولي السابق، وحارس كاظمة شهاب كنكوني انه كان مجبوراً في وقت من الأوقات على خوض تجربة احتراف من دون رغبة ناديه، من أجل الحصول على بطاقته الدولية، ومن ثم امتلاك حرتيه. وقال كنكوني "هناك العديد من الأندية لا تشعر بما يعانيه اللاعب من حاجة ماسة لتأمين مستقلبه ماديا، الأمر الذي يدفعه إلى خوض مغامرات ربما تكون غير محسوبة"، مضيفا انه غير نادم على خوض تجربة احتراف، حصل بعدها على بطاقته الدولية. واعتبر أن تطبيق الاحتراف في الكويت، بمعناه الحقيقي، أمر بات ضروريا للابتعاد عن مثل هذه المواقف، وإلا فإن تفكير اللاعبين في الخروج الى الاحتراف من دون رغبة أنديتهم سيظل مستمراً. تهديد زايد وفي نفس السياق، حمل مهاجم نادي الجهراء الدولي فيصل زايد إدارة ناديه المسؤولية كاملة عن لجوئه إلى فكرة الخروج الى الاحتراف من دون رغبتهم. وقال زايد في تصريح لـ"الجريدة"، حيث يتواجد حاليا في اسبانيا، إن "إصرار النادي على التمسك بخدماته رغم وجود العديد من العروض الاحترافية، سيعجله يسلك طريق الاحتراف رغما عنهم"، مضيفا ان "إدارة الجهراء وعدته مراراً بتعويضه ماديا عن تلك العروض، وهو ما لم يحدث". وانتقد زايد أعضاء مجلس الإدارة، مؤكدا أنهم يقدمون مصلحتهم على مصلحة النادي ومصلحته، بعد أن قدموا وعوداً زائفة لم يتحقق شيئا منها، مؤكد أن قراره بالرحيل وخوض تجربة للاحتراف لا رجعة فيه. وأكد انه يملك في الوقت الحالي أكثر من عرض، يفاضل بين افضلهم، وسيحسم امره بعد عودته إلى الكويت. وكان زايد قد وجه رسالة مماثلة الى نادي الجهراء، عبر حسابه على "تويتر"، تؤكد ما تم ذكره في تصريحه لـ"الجريدة". الجدير بالذكر أن زايد خاض تجربة احترافية في الدوري السعودي الموسم الماضي، بيد أنه عاد سريعاً لعدم تأقلمه مع فريقه.