×
محافظة مكة المكرمة

وزير الاتصالات وتقنية المعلومات يرعى حفل تدشين الكيبل البحري القاري (AAE-1) بطول 25 ألف كيلو متر

صورة الخبر

قدر للمفكر والفيلسوف الكبير الدكتور علي الوردي العيش لهذه الأيام لكان وبكل تأكيد قد أعاد التوقف ولكن بشكل مطول هذه المرة عند مهزلة العقل العربي بعد أن كتب تحفته الاجتماعية – الفلسفية مهزلة العقل البشري، خاصة أن الدكتور الوردي ناقد لاذع للظواهر الشاذة في السلوك الاجتماعي ومنها كانت ظاهرة عبادة الفرد، وعشق الديكتاتور، لو قدر له العيش إلى اليوم لكان وكما عرفته منذ كنت طالباً بجامعة بغداد وكان هو أستاذ فيها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي لكان قد كتب عن ظاهرة أردوغان والأردوغانيين العرب، ولكان قد فسرها على النحو الذي يؤكد ارتباطها التاريخي والإنساني بظواهر مماثلة منذ بدء الخليقة إلى اليوم والتي كانت وما زالت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلل النفسية والاجتماعية. مصطلح عبادة الشخص هو مصطلح استخدمه خروتشوف في مؤتمر الحزب الشيوعي العشرين للحزب في الإتحاد السوفياتي سنة 1956 قاصداً به عبادة شخصية ستالين، ولكن قبل هذا التاريخ كانت هذه الظاهرة النفسية – الاجتماعية موجودة، موجودة في حالة نابليون وهتلر ومحمد الفاتح الخليفة العثماني المستبد، هذا الرجل المفتون به أردوغان والذي تولى الحكم بعد أن قام بأبشع وأقذر المؤامرات في تاريخ الخلافة العثمانية حيث قتل 19 شقيقاً له ليتولى الحكم، وافتتن به العامة وقدسوه وعبدوا شخصيته عبادة الآلهة . في عصرنا الحديث أي منذ القرن العشرين اعتلت المسرح شخصيات عديدة عبدتها الجماهير وأوصلت بعضها لدرجة القدسية مثل الخميني، وجمال عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين وكذلك حسن نصر الله واليوم رجب طيب أردوغان في معركته الأخيرة، معركة الانقلاب ضده التي قال فيها يوسف القرضاوي في رسالة خاصة وجهها للرئيس التركي ( .. إن الله وملائكته وجبريل وقفوا معك سنداً لك في معركتك لنصرة الإسلام والمستضعفين)، وهي عبارات تدلل على القدسية التي يمنحها الأب الروحي لجماعة الإخوان لرجب طيب أردوغان الزعيم السياسي للجماعة. السؤال المهم في هذا المقام لماذا بقينا نحن العرب مع بعض الشعوب الإفريقية واللاتينية نعيش هذه الظاهرة؟، ولماذا غادرتها الأمم والشعوب المتحضرة في أوروبا بعد الشيوعية وفي أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية؟ للجواب فإني اقتبس مما كتبه الأستاذ شاكر كاتب عن أسباب بروز المعبود الشخصية لدينا حيث يقول في مقال له في موقع كتابات العراقي إن العلاقة بين عبادة الشخصية وغياب الوعي (أو سيادة التخلف الثقافي) علاقة طردية أولاً ... لكنها ثلاثية الأبعاد. ويضيف: ثانياً فكلما ازداد التخلف وغاب الوعي: اتسعت ظاهرة عبادة الشخصية. (طردي). الشخصية المعبودة والتي عادة ما تكون مريضة نفسياً (حاكم طاغ – رجل دين أشر – رأسمالي جشع – شيخ عشيرة متسلط – زعيم سياسي متمسك بسلطته – إلخ ) تعمد إلى التمترس وراء الدين – العنصر – التاريخ – مخاطر تهديد مفتعل – الانحلال الاجتماعي – البطالة – فيتقمص دور الإله أو البطل المنقذ أو البديل القادم. ولكي يسود ويبقى. الكاتب المشار إليه لم يذهب إلى ذكر الأبعاد النفسية التي تدفع الشخصية العربية لتقديس أو عبادة البطل الذي هو في الأغلب ديكتاتور وطاغية يتغطى بالقوة المفرطة أو بالدين، وهؤلاء في حياتنا السياسية العربية عدة أنواع ولكنهم كلهم كانوا يعانون من عقد النقص والدونية والجهل أو ضحالة المعرفة والثقافة، وبالمقابل كان أغلب المعجبين أو المفتونين بهم يعانون ذات العقد، وظاهرة أردوغان ربما تكون الأكثر دلالة على أن الشارع العربي يبحث عن بطل حتى لو كان صرحاً من خيال فهوى على حد تعبير الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي في قصيدة الأطلال. سيرى مرضى عبادة الشخص قريباً رجب طيب أردوغان في القمر، كما سبق لهم أن رأوا الخميني بالقمر وبعده صدام حسين وبعده حسن نصر الله، فالقمر تحول وبسبب إحباطنا النفسي وعجزنا، إلى وسيلة من وسائل التحايل على الذات في صناعة أوهام القوة والعظمة التي نراها ولا نتلمسها تماماً كما السراب في صحراء مقفرة جرداء شديدة الحرارة . 24