توجه في سبتمبر/ أيلول العام 2015 أكثر من 150 من قادة الدول المنتمية إلى الأمم المتحدة إلى نيويورك لمؤتمر قمة التنمية المستدامة الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لاعتماد قمة طموحة للتنمية المستدامة في العالم. ووافق على هذه الخطة مع بداية العام الجاري جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (193 دولة) واتفق على عنوان لهذه الخطة هو تحويل عالمنا، خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وتحتوي إلى جانب الإعلان الرسمي لها على 17 هدفاً تنموياً و169 غاية تنموية للاستدامة. إن هذه الخطة التي بدأ تنفيذها في الأول من يناير الماضي هي غير ملزمة للدول الأعضاء وهي تعتبر تجديد للخطط والبيانات والاتفاقيات التي أعدتها الأمم المتحدة منذ مؤتمر استوكهولم عام 1972 وبعده قمة الأرض في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992 ومن بعدها القمة العالمية عام 2002 من ثم مؤتمر بشأن الأهداف التنموية للألفية عام 2010 وأخيرها مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2012 (ريو + 20) كل هذه المؤتمرات والاجتماعات التي صرف عليها مبالغ هائلة وإعداد وسفريات وغيرها توصلت إلى تعريف التنمية المستدامة بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتها الخاصة. في العام الذي عقدت فيه قمة 2015 انخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع المدقع في العالم إلى 836 مليون شخص بعد أن كان العدد 1.9 بليون شخص عام 1990. إلى جانب تحقق أهداف تنموية عديدة في العديد من دول العالم منها تبوؤ المرأة مراكز مرموقة وتكافؤ التعليم بين الجنسين في المراحل الابتدائية وغيرها. أما الأهداف التي اشتملت عليها خطة التنمية المستدامة للعام 2030 فهي: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، والقضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة، وضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، وضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة، وضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي المطرد الشامل والمستدام للجميع والعمالة الكاملة والمنتجة مع توفير العمل اللائق للجميع، وإقامة هياكل أساسية قادرة على الصمود وتحفيز التصنيع الشامل للجميع وتشجيع الابتكار، والحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها، وجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، وضمان وجود أنماط أستهلاك وإنتاج مستدامة واتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره، وحفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة، وحماية النظم الأيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، والتشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع وعلى جميع المستويات وتعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة. ولكي نحاكم الواقع المذكور في الخطة لابد من التأكيد أنها طوعية وليست إلزامية، إذا قد تختار الدول ما يناسبها فقط بحجج مختلفة وتترك الباقي، كما أن التنفيذ ليس له سقف زمني ولهذا فهو سيخضع لعوامل الجذب والتناحر السياسي بين الدول كما حل باتفاقيات التغيير المناخي منذ اتفاقية كيوتو إلى اتفاقية باريس الأخيرة التي تعول عليها الأمم المتحدة كثيراً وتعتبرها نجاحاً إلا أنني أرى أن ما تم تنفيذه لا يعادل أو يوازي الضرر الذي يحدثه التغيير المناخي في العالم. إن أهداف هذه الخطة طموحة ولكنها فوق إمكانات وظروف العديد من الدول وكذلك قابلة للاستغلال والتسويف من الدول المؤثرة في الساحة السياسية العالمية التي تطحنها الصراعات المختلفة وتهب منها رياح عدم الاستقرار والفوضى التي قد تدمر هذه الخطة بالكامل. المطلوب هو إعادة النظر في الخطة وجعلها إلزامية موثقة عالمية وتحديد سقف زمني لتنفيذها للوصول إلى 2030 عام الاستدامة المتكاملة والسلام والأمن لجميع شعوب الأرض والقضاء على ما تبقى من حرمان غذائي وصحي وتعليمي وقضائي لملايين البشر. د. داود حسن كاظم خبير بيئي وزراعي daoudkadhim@rewaqousha.net