كثيراً ما يتردد القول إن الناس باتت أقل إنسانية في العالم الرأسمالي، ومع ظهور الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم الغربي تحديداً، منذ أكثر من خمس سنوات، وانتشار الفقر والجوع، أصبح الفرد لا يفكر إلا في نفسه، ولا يهتم بمصائب الآخرين. وخير مثال على ذلك ما وقع مؤخراً في مدينة جينوا الإيطالية، حيث اختارت فتاة حاصرتها الأزمة المالية الانتحار بديلاً عن الحياة وسط الفقر والديون، غير أن الديون لاحقتها في قبرها، وطولبت بها عائلتها حتى صدق فيهم المثل موت وخراب ديار. الحادثة بدأت قبل نحو شهرين تقريباً، حين قررت فتاة بعد معاناة طويلة من الضغط النفسي بسبب وضعها الاقتصادي أن تنتحر، وبالفعل ألقت الفتاة بنفسها من شقتها الواقعة في إحدى ضواحي مدينة جينوا، لتسقط صريعة فوق شباك حديقة جارها القاطن بالطابق الأرضي، حيث لقت الفتاة حتفها على الفور وتحطم بسبب قوة الاصطدام السقف الشبكي الذي بناه الجار لحماية نباتاته وحديقته من المخلفات الصغيرة التي تسقط من سكان المبنى. وبعد مرور شهر على الانتحار، فوجئ والد الفتاة بالجار القاطن في الأسفل يطالبه بتعويض عن تحطيم شباك حديقته، الأمر الذي أثار جدلاً وسط سكان المبنى ولم يتخيل أحد أن يصل انعدام التضامن مع الآخرين في مصائبهم إلى هذا الحد. والد الفتاة المنتحرة، قرر تلبية مطلب الجار فقدم له صكاً بنكياً بقيمة 300 يورو كتعويض، ولكن بمجرد أن قام الجار بإعادة بناء الشبك تبين له أن التكلفة تصل إلى 500 يورو، مما دفعه إلى مطالبة والدها من جديد ببقية المبلغ، مهدداً إياه في حالة عدم الدفع سيتقدم بشكوى إلى السلطات القضائية.