جميعنا نعلم بأهمية دور الأخصائي الاجتماعي في المستشفى من حيث الاهتمام بالمرضى، وتحديد خصائصهم النفسية والاجتماعية، ومعرفة الصعوبات والمشكلات التي يواجهونها.. أيضًا له دور في رعاية أسر المرضى، ودعمهم نفسيًّا، ومساعدتهم في التخفيف من مشاعر الخوف والقلق على قريبهم المريض. وفي حالة وفاته يتجلى دوره في التمهيد لإبلاغ أهله بالخبر المحزن، والتعامل الإنساني مع المشاعر المؤلمة المصاحبة للموقف، ومساعدتهم في التعامل معها. في مستشفياتنا الأخصائيون موجودون، لكنهم لا يفون بالحاجة لكثرة المرضى وكثرة الوفيات - والحمد لله -. قبل أيام كنت في طوارئ أحد المستشفيات الحكومية الكبيرة بالرياض، وشاهدت بعيني موقفًا مؤلمًا.. شاهدت مريضة ينقلها الممرضون في القسم بسرعة إلى غرفة الإنعاش، ومن خلفها أقاربها.. أعتقد أنهم أبناؤها وأخواتها.. وقفوا خلف باب الغرفة المغلق يسترقون النظر إليها من خلال زجاج صغير به.. والحزن والقلق يعصف بهم.. نسمع نشيج بكائهم.. تارة يعلو وتارة يخبو.. كان كل من بالطوارئ متعاطفًا معهم ومترقبًا مثلهم.. وبعد ساعة كدهر عندهم فتحوا لهم باب الغرفة؛ فدخلوا مسرعين إليها، يرجون حياة لها برحمة ربهم.. لكنهم خرجوا الواحد تلو الآخر تسكنهم الفجيعة.. وكل تواقيع الحزن حفرت في وجوههم.. تعالت أصوات بكائهم.. وسقط بعضهم على الأرض مغشيًّا عليه.. والناس تجمعوا حولهم محاولين التخفيف عنهم.. وهنا غاب الأخصائي والأخصائية الاجتماعية.. فهذا هو يومهم.. وهذا هو دورهم.. صدقوني يا أحبة.. ما رأيت أحدًا منهم.. والمواقف على أدوارهم الغائبة في المستشفيات كثيرة.. وحتى في المستشفيات الخاصة بشهادة الكثيرين من الإخوة والأخوات.. ربما لأن أعدادهم لا تغطي حاجة المستشفيات.. وإن كان هذا هو السبب فالواجب توفير أعداد كافية منهم، وإعدادهم مهنيًّا لهذه المهمة.. من حيث الإلمام بمعلومات مبسطة عن الأمراض والمشكلات الناتجة منها.. كما يستوجب أن يكونوا عارفين بالاحتياجات والخصائص النفسية للمرضى.. إضافة إلى إتقانهم مهارة التعامل مع المرضى، وإقامة علاقة مهنية ناجحة معهم لاكتساب ثقتهم.. على أن يكون النصيب الأكبر منهم لأقسام العناية المركزة والطوارئ؛ إذ الحاجة هناك أكبر. والله المستعان. والخريجون من شبابنا من الأولاد والبنات في هذا التخصص كثيرون - ولله الحمد - وهم في انتظار فرص التوظيف.. والثقة بهم كبيرة، نفع الله بهم. مع أمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية والسلامة من كل شر.