يحكى أن كونفوشيوس حكيم الصين كان في حوار مع بعض تلاميذه، فسأل أحدهم بقوله: ما رأيك لو استمر هطول المطر لشهرين متتالين وبغزارة على بلدتنا هذه وبدأ يتحول لفيضان فماذا نفعل؟ فأجابه التلميذ بقوله إنها لكارثة، وبالتأكيد سنصاب بالخوف والهلع وستتهدم بيوتنا ونهرب إلى قمة الجبل! فسأل الحكيم تلميذه الآخر: فما رأيك أنت؟ فأجاب تلميذه بقوله: بل إنها لفرصة كبيرة أن نصنع سدا يمنع المطر من إغراق بلدتنا ونستفيد منه كنهر لسقاية حقولنا ومزارعنا وإن هذا الأمر لفيه الرحمة والخير ينزل علينا من السماء فلم نخاف؟! ويروي أحد العاملين القدامى بشركة «أبل» أن ستيف جوبز كان في كل مرة تحدث مشكلة كبيرة تربك مهندسي الشركة أو الإدارة المالية كان يعلق بهدوئه المعتاد لا تقلقوا هذه فرصة للإلهام والتحدي وتطوير أنفسنا ومنتجاتنا، وفي كل مرة كان ينتج لنا «آي بود» و«آي فون» «آي باد» أبهرت العالم، وكان في كل حالاته هادئا مهونا لكل الصعوبات ولا يعظم إلا الإنجاز! وقديما قال صاحبنا أبو الطيب المتنبي: وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم! وفي تاريخنا يروى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز كان يسير مع أحد مساعديه، وعند مروره بالسوق اصطدم بأحدهم دون أن ينتبه له، فصرخ ذلك بقوله «أأنت أعمى؟ - ولم يكن يعلم أنه الخليفة -، فرد الخليفة بقوله: لا! ثم أكمل طريقه بكل هدوء! فتعجب مساعده من تصرفه وقال له: كيف تسكت عن هذا يا أمير المؤمنين وقد تهجم عليك فتتركه هكذا؟ فقال الخليفة: الأمر بسيط سألني أأنت أعمى؟ فأجبته لا» فكل مشكلة أو صعوبة تكون في أعمالنا وحياتنا نستطيع تضخيمها وتحويلها إلى مشكلة كبيرة لا يمكن حلها أو أن نقوم بتصغيرها وتسفيهها أحيانا ليسهل حلها! فلو تأملنا كثيرا من مشكلاتنا السابقة لوجدنا أننا تجاوزناها وأصبحت سهلة ومن الماضي! فالعظماء والناجحون على مر التاريخ لا يضخمون أي أمر يحدث لهم، فالتهوين أولى خطوات الحل، وقديما قيل «لو تخيل كل مسافر بعد المسافة بينه وبين هدفه لما سار في طريقه، ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة». وتقول الدراسات بأن الذين يتفاءلون في غالب الأوقات ويصغرون من حجم المشكلات يمثلون 80 في المائة من نسبة أثرياء العالم! ففي علوم التنمية البشرية فن يسمى «فن التهوين» وهو من مجلبات السعادة، فكل بسيط هين يمكن التعامل معه والسيطرة عليه، وكلما صنعنا جبالا من المشكلات ازداد ارتقاؤها صعوبة، فمن ضمن فنون التهوين ما يسمى بالتجزئة حيث يتم تقسيم المشكلة لعدة أجزاء ومراحل، ويتم توزيع حلها بين عدة أشخاص أو جهات، والعكس فكلما صرخنا وازددنا عويلا فلن تحل مشكلاتنا، وكلما بسطناها وجدنا أن ما كان يقوله آباؤنا قديما هو عين الحكمة «هونها وتهون» أو باللغة الشامية «كبرها بتكبر، صغرها بتصغر».