لدي قصة عجيبة لامرأة شابة في الثلاثين من عمرها خرجت من سجن زواج فاشل إلى سجن أب قاس يؤمن بأن المرأة لا تخرج من بيتها إلا إلى بيت زوجها أو قبرها، فوجدت نفسها منذ أربع سنوات أسيرة بيت سدت نوافذه بالقضبان وأغلقت أبوابه بالأقفال! مثل هذه الحالة تنتمي للقرون الوسطى وتحصل في المجتمعات المتخلفة، لكنها تنتمي حقيقة للقرن الـ٢١، وتحصل في مجتمع مسلم متحضر تملأ زواياه المؤسسات الحكومية التي تطبق القانون والمؤسسات المدنية التي تحمي الحقوق! المرأة المغلوبة على أمرها وجدت في هاتف جوال هربه لها بعض أقاربها وسيلة للتواصل مع العالم خارج أسوار سجنها الأسري، بحثا عن منجد يكسر قيودها ومنصف يفك أسرها الذي لا يوجد على وجه الأرض قانون واحد يبرره، فلا حق لأبيها أن يفرض ولايته عليها بهذه الطريقة وهي البالغة الثيب! تقول السجينة المنزلية، في اتصال وفره لها ما تبقى من رصيد دقائق جوالها، إن صدمتها بمواقف المؤسسات الحكومية والمدنية التي لجأت إليها لتكون عونا لها أعظم من صدمتها بما فعله سجانها، فتاهت فيه معاملة قضيتها بين مكاتب الصادر والوارد حتى تاهت آثارها بسبب عدم الجدية والإهمال! المؤلم أن امرأة بالغة عاقلة في هذا العمر تجد نفسها أسيرة إرادة الآخرين دون وجه حق ودون أن يحميها القانون أو تنتصر لها مؤسساته، تخيلوا فحسب لو أن قصتها حصلت في أمريكا، أي دور كان يلعبه القانون وأي مصير كان ينتظر سجانها؟!.