×
محافظة المنطقة الشرقية

ماذا يخفي لقاء وزير الخارجية المصري بالإسرائيليين في القدس؟

صورة الخبر

كتبت كثيراً عن ظاهرة التشدد والعنف والإرهاب التي يُعاني منها الكثير من شبابنا العربي، وخرجت بخلاصة مفادها أن هؤلاء الشباب الذين يُمثلون الأغلبية العظمى من النسيج العربي فقدوا الثقة والقناعة والقبول بكل القيم والمضامين والأولويات التي تُشكل واقع التجربة العربية منذ بدايات الاستقلال والتحرر والتحضر وحتى وقتنا الراهن، وأصبحوا ضحية لواقعين أحلاهما مر، وهما التشدد والتسطيح!. شبابنا العربي، ومنذ عدة عقود، أسير لحالتين خطيرتين جداً، الأولى هي حالة الاستقطاب الفكري الحاد الذي تُهيمن عليه النزعة الطائفية والتجييش المذهبي، بينما الحالة الثانية على النقيض تماماً إذ يُعاني شبابنا من تنامي حالة التسطيح والخواء الفكري والثقافي والاجتماعي، وقد أفرزت تلك الحالتان المتناقضتان أجيالاً عربية مشوهة وفاقدة لكل مظاهر الوعي والإدراك والفهم، وبمعنى آخر أكثر دقة، شبابنا العربي الآن واقع بين مطرقة التشدد وسندان التسطيح. وهنا، لابد من هذا السؤال المعقد الذي مازال يبحث عن إجابة حقيقية، لا مجرد التفافات واهية: من المسؤول عن انحراف بوصلة الشباب العربي باتجاه العنف والتشدد والتطرف والتوحش والإرهاب؟ الإجابة على هذا السؤال الكبير، تحتاج إلى الكثير من الدراسات والأبحاث والبرامج المتخصصة، وليس إلى مجرد مقال هنا أو هناك محدود المساحة والأفق. إن الوقت قد حان، وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من عمر العالم العربي، لوجود إرادة عربية حقيقية لتصنع مشروعاً عربياً ضخماً لحماية شبابنا من خطر التشدد والعنف والإرهاب والتي أدت إلى تحويل هذه المنطقة الغنية بكل مظاهر الثراء والحضارة والتاريخ إلى ساحات للاحتراب والاقتتال والخراب والدمار، ولكن وفق أساليب وطرق وأدوات متخصصة وواقعية وفعّالة، بعيداً عن كل المحاولات والمبادرات والتجارب التي أثبتت ضعفها وإخفاقها وعدم جدواها. وحتى لا أبدو كمن فتح جرحاً وتركه ينزف، سأضع عدة نقاط أظنها الأهم لإعادة الشباب العربي إلى خيار التسامح والتصالح والتآخي والذي سيضعه مجدداً على منصات الإبداع والإنجاز والإلهام بعيداً عن كل مظاهر العنف والتشدد والإرهاب. تمكين الشباب العربي ــ من الجنسين طبعاً ــ من اختيار الحياة التي تشبه طموحاته وتطلعاته وأحلامه، ليصنع مستقبله بنفسه كما يُريد، بعيداً عن عيون/قيود التوجيه والمراقبة والوصاية. إعادة الاعتبار للكثير من القيم والمضامين والسلوكيات الإيجابية التي سُرقت من المجتمعات العربية كالتسامح والانفتاح وقبول الآخر وتغليب الانتماء للوطن وليس للكيانات والتعبيرات والرموز. تشجيع الشباب على ممارسة الهوايات والفنون الجميلة كالموسيقى والغناء والتمثيل والسينما والمسرح لأنها تُسهم في تنمية الذوق والمشاعر والرقة وحب الحياة. تأصيل ثقافة النقد والفرز والتدقيق في عقل وقلب الأجيال العربية الصغيرة والشابة في البيت والمدرسة والمسجد والمجتمع والإعلام، لكي تتمتع بشخصيات مستقلة ومستنيرة ولا تكون عرضة للاستقطاب والتبعية. حل القضايا والملفات الساخنة التي قد تؤثر بشكل كبير على طبيعة وظروف الحياة للشباب العربي كالفقر والبطالة والصحة والتعليم والتهميش والإقصاء والمشاركة في صنع القرار. تجفيف منابع الإرهاب والتعبئة الطائفية المتمثلة في المناهج والتراث ووسائل الإعلام ودعاة الفتنة من المحرضين والمغررين الذين يزجون بشبابنا في ساحات العنف والقتال والإرهاب. شبابنا قوة الحاضر وصنّاع المستقبل، يجب أن يحملوا أقلام وكتب وأدوات العلم والمعرفة والدراسة والبحث والإبداع، لا أن يحملوا أسلحة وأجهزة وأحزمة الخراب والدمار والإرهاب. fadelomani@yahoo.com