أيها الأحبة، أكتب مقالتي هذه ونحن نودع آخر أيام شهر رمضان المبارك، وربما فاجأنا أحد الذين يجتهدون في رؤية الأهلة برؤية هلال شهر شوال، فيكون اليوم الثلاثاء أول أيام عيد الفطر المبارك، هذه الرؤية التي مازالت تمثل صراعاً غير مستقر بين علماء الفلك الذين يصرُّون على أن أجهزتهم دقيقة جداً في رصد منازل القمر، وعلماء الإسلام الذين يتمسكون بظاهر الحديث الشريف في وجوب الرؤية بالعين المجردة، كما جاء فيه: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». ولا أدري متى يتفق الفريقان؟ لقد شرَّفنا الله بالدين الإسلامي الحنيف منظِّماً للعيش في الحياة، ومقوِّماً للسلوك الإنساني بشرائعه السمحة، فهو دين السلام والمحبة والرحمة والرأفة والوسطية، والعدل ونبذ العنف والتطرف، دين العبادة بلا رهبانية، والعطاء بلا منٍّ، والكفاح بلا كلل، والإخلاص بلا يأس، وقد شرَّف الله بلادنا بأن تكون مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وشرَّف قادتها بخدمة الحرمين الشريفين، وشرَّف مواطنيها بخدمة الحجاج والمعتمرين وزوار مسجد رسوله الكريم، صلى الله وعليه وسلم، وشرَّف أبطالنا الأشاوس بحماية الثغور، والدفاع عن تراب الوطن ومقدساته ومقدراته، رأيناهم في الحد الجنوبي يعملون بقلب رجلٍ واحدٍ، فنعم المرابطون هم، ونعم الرجال هم، ونعم المواطنون هم. وفي كل الأعياد يصر المشايخ والأعيان والأهالي في الحد الجنوبي على معايدة أبطال قواتنا المسلحة المرابطين هناك، مرددين شعاراً جميلاً وصادقاً: «لن نعايد أطفالنا حتى نعايد أبطالنا». وشاهدنا على أرض الواقع شيئاً يدعو للفخر والاعتزاز بهذا الشعب الأصيل الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل المشاركة الفاعلة في حماية الوطن، فهناك ملاحم بطولية شعبية تجسِّد أجمل صور التلاحم والترابط بين المواطن الجنوبي والقوات المسلحة التي ترابط على الحدود، وذلك ليس بمستغرب، فقد ألفنا فيهم غيرتهم على دينهم، وحماية تراب وطنهم الذي يذودون عنه بأرواحهم وقلوبهم وأموالهم، متلاحمين مع قيادتهم، ومساهمين مع أفراد القوات المسلحة في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. وبمناسبة حلول عيد الفطر المبارك من الواجب على كل مواطن سعودي أن يرفع آيات التهاني إلى الوطن الغالي حكومة وشعباً، وإلى أفراد القوات المسلحة المرابطين على الحدود الجنوبية للدفاع عن أرضهم وحمايتها من أي تدخلات غادرة، وإلى القوات المشاركة في عاصفة الحزم التي أخذت على عاتقها حماية المقدرات اليمنية، وعودة الشرعية إلى صنعاء، فالمسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ونحن بهذه المناسبة السعيدة نكتب رسالة معايدة إلى جميع جنود الوطن، وهم في مواقع الشرف والبطولة والتضحية، وفي كل الخطوط نوجه لهم أصدق التهاني بعيد الفطر المبارك، سائلين الله تعالى أن يعيده على جميع المسلمين باليُمن والتمكين، والظفر والخير والبركات، والنصر المؤزر، مع خالص الدعاء أن يعود أبطالنا إلى أهلهم سالمين غانمين، نصر من الله وفتح قريب، وكل عام وأنتم بخير.