يشكل المال عصب الحياة ويعتبر من زينتها لقول الله سبحانه وتعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، ومن أجل ذلك نرى الصراع القوي بين البشر للحصول عليه وامتلاكه، بل وأصبح مصدر قوة، سواء على الصعيد الجماعي أو الفردي، خاصة في عصرنا الحاضر، الذي انتشر فيه التبادل التجاري بين الدول بشكل كبير وبأرقام هائلة يتحكم فيها صاحب الدخل العالي ممثلا في الدول الصناعية الكبرى التي شبه مسيطرة على السوق والتي أضحت حدة المنافسة تزداد بينها بشكل أقوى للسيطرة على السوق مع ارتباط الاقتصاد بالسياسة والتي أصبح الكل يبحث عن مصالح وتحقيق أهداف تأتي على حساب الشعوب النامية. هذا على الصعيد الجماعي، أما على الجانب الفردى فإن معركة المنافسة موجودة وخاصة بين الشركات الكبرى وتتداخل فيها السياسة أيضا وتوجيه القرار وهذا ملاحظ على الشركات الكبرى ذات الانتشار الواسع، نأخذ على سبيل المثال مجموعة روبرت ميردوخ (نيوز كوربوريشن) الإعلامية التي تمتلك أكثر من 800 شركة في أكثر من 50 بلدا في العالم بصافي أصول يصل لأكثر من 5 مليارات دولار والتي لها تأثير كبير في توجيه الرأي العام وفق أهدافها ومصالحها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل توجد شركات فردية عربية منافسة لتلك الشركات الكبرى العالمية؟ مع الأسف لا يوجد بل مجرد مشاركة من خلال تملك في بعض حصص الشركات التي لا يكون للشركة العربية فيها أي قرار أو تأثير، فقط التركيز منصب على الربح، الشيء الذي يزيد من الأسف هو ما انتشر في السنوات الأخيرة وهو إقبال بعض رجال الأعمال العرب الذين لهم شركات كبرى في التهافت على شراء الأندية الأوروبية أو شراء مبان بمبالغ عالية والتي تمثل التوظيف القصير النظر للمال، لافتقاره لإيجاد نفوذ وقوة على المدى البعيد. سوف أعطى مثالا آخر مع أنه قديم إلا أنه يدل على بعد النظر واستغلال المواقف، وهذا ما حصل مع عائلة روتشيلد اليهودية المشهورة في المجال المصرفي التي أدارت نشاطها المصرفي في خمس دول أوروبية "ألمانيا والنمسا وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا"، حيث كان من أفراد العائلة من يدعى ناثان روتشيلد تولى نشاط العائلة في إنجلترا مساهما في مضاعفة ثروة العائلة من خلال الخداع، وذلك باستغلال خبر نتيجة معركة واترلو الشهيرة التي انتصرت فيها بريطانيا على حساب قوات نابليون الفرنسية والذي وصله قبل الجميع، فصار يبيع أسهمه وسنداته على نحو يوحي بأن إنجلترا قد خسرت الحرب وهو ما أجج حمى بيع مسعورة انتهت بأن قام روتشيلد من خلال وسطاء سريين بشراء هذه السندات بأسعار بخسة، حتى إذا علم الجميع بهزيمة نابليون، ارتفعت الأسعار ثانية لتجني عائلة روتشيلد ثروة لا تقدر بثمن. لقد تحكم ناثان روتشيلد بالقطاع المصرفي في بريطانيا على نحو غير مسبوق مما كان له الأثر الكبير في توجيه سياسة بريطانيا، فلماذا رجال الأعمال العرب الذين لديهم ثروات كبيرة مستثمرة في الدول الغربية ﻻ يكون لهم تأثير في صنع القرار الذي يهم القضايا العربية؟.