وصف «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر انتهاكات رصدها على مدى عام في البلاد بأنها «بقع سوداء» تسيئ إلى «الصورة المضيئة التي ترسمها جهود الدولة للتغلب على تحديات من بينها محاولات لضرب الوحدة الوطنية». وقال المجلس في تقريره السنوي الـ 11 الذي صدر اليوم (الأحد)، إن من بين الانتهاكات التي طالب بوضع نهاية لها «استفحال ظواهر من قبيل كثافة الحبس الاحتياطي وأوضاع مراكز الاحتجاز الأولية (من ناحية كثرة الأعداد وسوء المعاملة والإعاشة) وكثافة الأحكام القضائية الأولية بالإعدام على رغم نقضها (أمام أعلى محكمة مدنية في البلاد) والمحاكمات العسكرية للمتهمين بالإرهاب والاحتجاز غير القانوني الذي أثار التباسات في شأن اختفاء قسري لبعض المحتجزين». وأضاف أن الانتهاكات شملت «قضايا الحسبة السياسية والدينية والتصريحات السلبية (التي تنفي وقائع صحيحة) من جانب المسؤولين التنفيذيين إلى جانب الاستمرار في عدم المساواة والتمييز الاجتماعي في الوظائف العامة». وقال رئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان» محمد فائق في مؤتمر صحافي إن التقرير يغطي الفترة التي تبدأ من 30 آذار (مارس) 2015 لمدة عام. وأشار فائق إلى ثلاث حالات وفاة تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز أقرت بها الشرطة خلال فترة التقرير، لكنه أضاف أن هناك 20 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز نتجت من ظروف أوضح أن البعض يقول إنها ترقى إلى الوفاة تحت التعذيب. وقال فائق: «نوصي بإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب... طلبنا تعديل قانون العقوبات ليتواءم مع اتفاق الأمم المتحدة لمنع التعذيب». ويقول حقوقيون إن التعذيب وسيلة تستخدمها الشرطة في انتزاع الاعترافات لكن الحكومة تقول إن ممارسته في مراكز الاحتجاز حالات فرية، وإن مرتكبيه يحالون للمحاكمة. وجاء في التقرير: «شكل تحدي الإرهاب ضغطاً إضافياً (ساعد) على تبني تدابير تشريعية ذات طابع استثنائي و(ذلك) على نحو عزز المخاوف تجاه تفاقم الأوضاع وتعاظم السياسات والممارسات المنتجة لانتهاكات حقوق الإنسان». ويشير التقرير إلى إسلاميين متشددين ينشطون في محافظة شمال سيناء قتلوا في السنوات الثلاث الماضية مئات من أفراد الجيش والشرطة ومدنيين في هجمات في المحافظة المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة، وامتدت الهجمات إلى القاهرة ومدن أخرى في وادي ودلتا النيل. ويشن الجيش حملة تشارك فيها الشرطة على المتشددين الذين أعلنوا في العام 2014 ولاءهم لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) قتل فيها مئات منهم. وكانت انتهاكات منسوبة للشرطة أحد أسباب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 التي أطاحت بحسني مبارك بعد 30 عاماً في الحكم. واعتبر التقرير نشاط المتشددين مثار القلق الأكبر في ما يتصل بانتهاك الحق في الحياة. وأشار إلى مقتل ثلاثة قضاة في هجوم شمال سيناء في أيار (مايو) 2015 واغتيال النائب العام هشام بركات في حزيران (يونيو) 2015. وأشار التقرير إلى العثور على جثة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني غرب القاهرة قائلاً: «أسهم في الالتباس حول احتمالية مسؤولية جهات أمنية عن تعذيب ومقتل ريجيني استمرار ظاهرة التعذيب في مصر». وحول المحاكمات العسكرية للمدنيين قال التقرير: «تصر السلطات على إحالة بعض المتهمين بالإرهاب إلى المحاكم العسكرية على نحو يخل بالتزاماتها بضمان المحاكمة العادلة بموجب انضمامها للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي يوجب كذلك الحد من استخدام عقوبة الإعدام في التطبيق والتنفيذ، وتبقى المحاكم العسكرية قاضياً طبيعياً للعسكريين ولكنها ليست قاضياً طبيعياً للمدنيين». وقال فائق: «عندنا أكثر من مئة جريمة تعاقب بالإعدام». وجاء في التقرير إن الكثافة في أماكن الاحتجاز تصل إلى 300 في المئة من طاقتها الاستيعابية وأن النسبة 150 في المئة في السجون. وأضاف أن «المجلس» أحال إلى وزارة الداخلية بلاغات اختفاء قسري عددها 266 حالة حتى آذار (مارس) 2016 أقرت وزارة الداخلية بوجود 238 منهم في أماكن الاحتجاز التابعة لها. وقال فائق: «نشكر وزارة الداخلية في أنهم تعاونوا معنا أيضاً في هذا الموقف. الأول كانوا بينفوا». وحول حرية التعبير جاء في التقرير أن بعض جهات الدولة حاولت «تقليص الهامش المتاح وإعادة العمل بالعقوبات السالبة للحريات» في قضايا النشر. وقال التقرير «طورت الدولة بالتوازي ضغوطها كماً ونوعاً على قطاع جماعات حقوق الإنسان». وطالب التقرير بتعديل قانون صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 يحد من حرية التظاهر السلمي. وأنشئ المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يعتبر جماعة حقوقية شبه رسمية في العام 2003 بقانون أصدره مجلس الشعب جعل «المجلس الحقوقي» تابعاً لغرفة البرلمان العليا وهي مجلس الشورى الذي ألغي في أحدث تعديل دستوري.