×
محافظة المدينة المنورة

الجارالله: ما يقال عن أن الدول التي اكتوت بنار العمليات الإرهابية تدعم الإرهاب هراء - محليات

صورة الخبر

* إنَّ 24 سنة من عمر الاتِّحاد الأوروبيِّ منذ معاهدة ماستريخت، 40 سنة قبلها لم توصله لمرحلة التكامل والتَّكتُّل والاندماج التَّنظيميِّ سياسيّاً واقتصاديّاً وأمنيّاً استندَ ظهورُ الاتِّحادِ الأوروبيِّ إلى تجمُّعات اقتصاديَّة بدأتْ بعام 1951م بِستِّ دولٍ أوروبيَّة هي: ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ، إيطاليا؛ مشكِّلةً المجموعةَ الأوروبيَّة للفحم والصلب لِتَكُونَ نواةً لقيام المجموعة الاقتصاديَّة الأوروبيَّة عام 1957م، فالاتِّحادِ الأوروبيِّ بمعاهدة ماستريخت في هولندا عام 1992م، لتتتابعَ الدولُ الأوروبيَّة بانضمامها إليه حتَّى بلغ تعدادُها 28 دولة، ويتَّخذ الاتِّحادُ الأوروبيُّ بروكسل عاصمة بلجيكا مقرّاً دائماً لأمانته العامَّة وللمفوضيَّة الأوروبيَّة، ومدينة سترازبورغ الفرنسيَّة مقرّاً لبرلمانه الأوروبيِّ، وقامت هياكله الأخرى في مدن أوروبيَّة أخرى، كمجلسِ الاتِّحاد الأوروبيِّ وهو جهازه التَّشريعيُّ، ومحكمةِ العدل الأوروبيَّة وهو جهازه القضائيُّ المشرف على تشريعاته وقوانينه الخاصَّة ومقرُّها لوكسمبورغ، وديوان المحاسبات وهو جهازه الرقابيُّ المشرف على مراقبة ميزانيَّاته، واللَّجنة الاقتصاديَّة واللَّجنة الاجتماعيَّة، والبنكِ المركزيِّ ومقرُّه فرانكفورت، وبنك الاستثمار الأوروبيِّ ومقرُّه لوكسمبورغ. وباستفتاء المملكة المتَّحدة شعبَها في 23 يونيو الحالي حيال خروجها أو بقائها في عضويَّة الاتِّحاد الأوروبيِّ تعدُّ أولَّ دولِه خروجاً منه، استفتاءٌ صدمتْ نتيجتُه حكومتَها علماً أنَّه جاء بموافقة رئيس وزرائها ظنّاً منه بأنَّها ستتجاوزه كتجاوزها الاستفتاء على استقلال أسكتلندا؛ ليحقِّقَ مكسباً حزبيّاً ودعايةً ديمقراطيَّة عالميَّة، وبتأثيرات نتيجة هذا الاستفتاء بدأ الاتِّحادُ الأوروبيُّ ومؤسَّساته سلسلةَ لقاءات مكثَّفة للحفاظ على وحدته وتجنُّب خروج دول أخرى بخطوات مماثلة لبريطانيا، حيثُ انتصر فيها اليمينُ المتطرِّفُ المنادي بخروجها كردَّة فعل على موجات الهجرات للدول الأوربيَّة، واحتفى اليمينُ المتطرِّفُ الأوروبيُّ بالخطوة البريطانيَّة فتنامت نداءاتُ أحزابه في فرنسا وهولندا ودولٍ أوروبيَّة أخرى لخروجها من الاتِّحاد الأوروبيِّ؛ لذلك نادى رئيسُ الاتِّحاد الأوروبيِّ بتسريع مغادرة بريطانيا تكتُّل الاتِّحاد وعدم انتظارها لشهر أكتوبر المقبل في محاولةٍ منه لتجاوز التأثيرات السلبيَّة على أسواق المال والنفط والعقار وتنامي نداءات اليمين المتطرِّف الأوروبيِّ بالخروج من الاتِّحاد، أو لقيام أسكتلندا وأيرلندا الشماليَّة باستفتاءاتٍ حول استقلالها عن المملكة المتَّحدة، وسعي منطقة جبل طارق لاستفتاءٍ لانضمامها لإسبانيا تحت شعار البقاء في الاتِّحاد الأوروبيِّ لها كلِّها، ومخاوف من خروج اليونان من منطقة اليورو بتأثير خروج بريطانيا. ويمكن القول: إنَّ 24 سنة من عمر الاتِّحاد الأوروبيِّ منذ معاهدة ماستريخت، 40 سنة قبلها لم توصله لمرحلة التكامل والتَّكتُّل والاندماج التَّنظيميِّ سياسيّاً واقتصاديّاً وأمنيّاً، فما زالت اختلافات دوله وخلافاتها تترجم أحاسيس شعوبها بهيمنةٍ فرنسيَّة وألمانيَّة، وكأنَّ المناداة بتسريع مغادرة المملكة المتَّحدة الاتِّحادَ الأوروبيَّ دليلٌ على ذلك، فأمام هذه التقلُّبات والمخاوف حذَّر رئيسُ الاتِّحاد الأوروبيِّ الحاليُّ من ردود فعل هستيريَّة قائلاً: إنَّ قادة الدُّول الأوروبيَّة أعضاء الاتِّحاد عازمون على الحفاظ على وحدتهم بعد قرار بريطانيا الخروج منه، فزعيمةُ اليمين المتطرِّف في فرنسا دعتْ لاستفتاء على خروجها من الاتِّحاد الأوروبيِّ، والنائبُ اليمينيُّ المتطرِّف الهولندي فيلدرز طالب بلادَه باستفتاء على إمكانيَّة خروجها من الاتِّحاد الأوروبيِّ، وقال رئيسُ البرلمان الأوروبيِّ: إنَّ خروج بريطانيا لن يسرع من تأثير الدومينو في أنحاء أوروبا في إشارة لخروجٍ متتالٍ لمزيد من دول الاتِّحاد الأوروبيِّ، ففقدان بريطانيا كحليف حيويٍّ داخله وخسارتها كقوَّة مضادة للنزعات المهيمنة لفرنسا وألمانيا عزَّز مخاوف انتقال العدوى لغيرها، إلاَّ أنَّ السيناريوهات المستجدَّة في اليوم التالي لنتيجة الاستفتاء البريطانيِّ من مطالبةِ مستشارة ألمانيا بعدم الضغط لتسريع مغادرة بريطانيا الاتِّحاد الأوروبيِّ، وكذلك عدم تفعيل بريطانيا المادةَ 50 من اتِّفاقيَّة لشبونة بتسريع إجراءات مغادرتها، ومن ثمَّ محاولات أكثر من مليوني بريطاني بتجميع توقيعاتهم مطالبين بإعادة الاستفتاء، سيناريوهات ربَّما دفعت لمتغيِّرات قادمة ولكنَّ الاستفتاء وتأثيراته يوحي بأنَّ بين دول الاتِّحاد الأوروبيِّ خلافاتٍ ستؤدِّي ولو بعد حين لتفكُّكه فانهياره. وعموماً ترتبط قارةُ أوروبا أمناً واستقراراً اقتصاديّاً بأمن الشَّرق الأوسط وباستقراره، فلعلَّ دولها الاستعماريَّة قد تنبَّهتْ أخيراً لذلك، ولكن بعد إشعالها الشَّرق الأوسط بصراعاته وبحروبه وببَذْرِها لتلك الصراعات، فلقد كتبتُ في صحيفة «الشرق» بعددها 1379 عن تَدَاعِيَاتِ الثَّورَةِ السُّورِيَّةِ مقالةً اختتمتُها عن تحرُّكات دول أوروبيَّة لضرب داعش سوريا متزامنة مع موجات لجوء السوريِّين لأوروبا؛ بعد تقاعسها عن الوصول لحلٍّ سياسيٍّ أو عسكريٍّ ينهي النِّظامَ السوريَّ المجرم في حقِّ شعبه، وحذَّرتُ من «أنَّ العربَ سيتباكون لعقودٍ قادمة على اللاجئين السوريِّين كتباكيهم على اللاجئين الفلسطينيِّين لعقودٍ ماضية، فأزمةُ لجوء السوريِّين لأوروبا أنتجتْ صراعات أوروبيَّة عصفتْ بالاتِّحاد الأوربيِّ وستؤدِّي لتفكُّكه فانهياره؟!!». وفي صحيفة «الشَّرق» بعددها 1470 كتبتُ عن: الصِّرَاعَاتِ وَالمُوَاجَهَاتِ فَالحُرُوبِ بَيْنَ العَرَبِ والأُورُوبِيِّيْن؛ مشيراً إلى اتِّفاقيَّات بريطانيا وفرنسا بتقسيم الشَّرق الأوسط استعماريّاً بينهما باتِّفاقيَّة سايكس بيكو عام 1916م، وبوعد بلفور المشؤوم عام 1917م الممكِّنِ اليهودَ من الهجرة لفلسطين فالاستيلاء عليها؛ لتخليص أوروبا منهم؛ لتظهر قضيَّةُ فلسطين ولا تزال باعتبارها قضيَّةَ العرب الأولى لسبعة عقود وأوروبا تدعم اليهودَ ضدَّهم مسمِّيةً إرهابَهم دفاعاً عن النفس، وواصفةً مقاومةَ الفلسطينيِّين للحفاظ على مقدَّساتهم وأراضيهم إرهاباً، وظهرتْ قضايا أخرى باتِّجاه ما سمَّوه بالفوضى الخلاَّقة لتشكيلهم مخطَّط الشَّرق الأوسط الجديد، واختتمتُها قائلاً: «إن لم يجد العربُ حمايةً أمميَّةً وحلّاً لقضيَّة فلسطين ولقضاياهم الأخرى في العراق ولبنان وسوريا واليمن وليبيا، واعتذاراً عمَّا جرَّته أطماعُ الأوربيِّين القديمةُ والمستجدَّةُ عليهم، وتعويضاً عمَّا اقترفوه ضدَّهم، فستظلُّ دوافع العرب لمواجهتهم في بلادهم وفي أوروبا، وسيظلُّ إحباط الشَّباب العربيِّ جرَّاء ما لاقاه آباؤُهم وأجدادُهم وما يلاقونه دافعاً لمقاومة مخطَّط الشَّرق الأوسط الجديد وسينعكس ذلك في تفتيتٍ للاتِّحاد الأوروبيِّ حيثُ تتشكَّل في الأفق ملامحُ تفكُّكه»، فهل هذا سيجعل المعلِّقين على مقالتيَّ أعلاه يراجعون تعليقاتهم وطروحاتي فيهما؟.