ليلة القدر عطية من الله يجب استغلال كل وقت فيها، وأول ذلك أن ننتفع بالقرآن العظيم، علينا أن نرجع إلى القرآن الكريم، علينا أن نأخذ عبرة من ليلة القدر، ومن شهر رمضان، لنراجع أنفسنا وموقفنا من كتاب الله. إن الله سبحانه وتعالى أعطانا هذه الليلة، أعطاها كرامة لهذه الأمة، ليلة القدر، لندعو ونتضرع إليه، ونتعبد له، ونقوم بذكره وشكره وحُسن عبادته، ولا نُضيِّع هذه الليلة في اللهو والعبث وفارغ الكلام، بل نقوم هذه الليلة في الصلاة والذكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن وعمل الخير ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. ندعو الله بكل ما تتمناه قلوبنا، قالت عائشة: «إذا صادفت ليلة القدر وعلمت أي ليلة هي يا رسول الله، ماذا أقول؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنَّي»، خير ما يطلب المسلم العفو والعافية، كما كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه: «العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة». وكان أكثر ما يدعو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]. ليلة واحدة هي خير من ألف شهر، لا ينبغي أن يضيعها المسلم، إن الله سبحانه وتعالى أخفى عنا هذه الليلة لحكمة أرادها، كما أخفى عنا اسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى، لندعوه بأسمائه كلها: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، وكما أخفى عنا ساعة الإجابة، في يوم الجمعة لنحرص على الدعاء في اليوم كله، وهكذا أخفى عنا هذه الليلة، لنحرص في رمضان على الطاعة، ونحرص أكثر وأكثر في العشر الأواخر من رمضان، عسى أن يتقبل الله تعالى منا، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. أحيا ليله كله بالطاعة، وأيقظ أهله، أيقظ زوجاته، ليأخذن بحظِّهن من الطاعة والعبادة، في هذه الليالي الأخيرة التي هي مسك الختام، لهذا الشهر المبارك العظيم. كان صلى الله عليه وسلم، يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، حتى لحق بالرفيق الأعلى، وكانت زوجاته يعتكفن من بعده. وهكذا ظلَّ الاعتكاف سُنة في رمضان، وخاصة في العشر الأواخر منه. الاعتكاف: الانقطاع عن الناس لله عز وجل، فترة من الزمن. وهي سُنة، قلَّ من الناس مَن يحييها. نردد دائما قولنا: (إحياء ليلة القدر)، كأن الليلة التي لا طاعة فيها ولا عبادة ليلة مظلمة، ليلة ميتة، ليلة معدمة، ليلة لا خير فيها.;