×
محافظة المنطقة الشرقية

جونسون يفاجئ الجميع وينسحب من السباق لخلافة كاميرون

صورة الخبر

على الإعلام أن يدرك أن المواطن هو مستهدف الرؤية ومحورها؛ لذلك هو من يستحق أن يوجه له الاهتمام .. ورد في وثيقة إطار حوكمة (رؤية المملكة العربية السعودية 2030): «يتولى الفريق الإعلامي في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ترسيخ الصورة الذهنية لرؤية المملكة 2030، ويشمل ذلك توحيد الرسائل الموجهة للرأي العام، وتصحيح ما قد يكون خاطئاً منها وتطوير الخطط الإعلامية للرؤية والبرامج التنفيذية المرتبطة بها لإطلاقها للجمهور تعزيزاً لمبدأ الشفافية». بالنسبة للرؤية كانت الأمور أكثر وضوحاً؛ فالوثيقة صيغت بطريقة مباشرة ولغة عامة بعيدا عن المصطلحات التخصصية والتقنية، وهذا بسبب طبيعتها، كما كان لظهور الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع قناة العربية والمؤتمر الصحفي دورٌ في إيضاح بعض الجوانب وإيصال رسائل إيجابية إلى حد كبير عن الرؤية. الإعلان عن إطار الحوكمة رغم أهميته لم يصاحبه الاهتمام والشرح الكافي إعلاميا. قد يكون سبب ذلك أنه جانب تخصصي دقيق، كما أن مصطلح الحوكمة نفسه مصطلح حديث نسبياً، مع أن معناه بالنسبة للدول وللحكومات «الحكم الرشيد». أظن أنه ضاعت فرصة ذهبية للتعريف والتوعية بهذا المفهوم ومدلوله بالنسبة للرؤية وبرامجها، وذلك بسبب عدم مجاراة التناول الإعلامي. مع الإعلان عن برنامج التحول الوطني ازداد الأمر صعوبة على المتلقي العادي، فمصطلحات مثل مؤشرات قياس الأداء، وخط الأساس، والقيم المستهدفة، والقيم المرجعية، وحتى الأهداف الاستراتيجية نفسها، تحتاج إلى شرح وإيضاح أكثر خاصة لغير الاختصاصيين، ولكل من ليس لديه الإلمام بمبادئ التخطيط الاستراتيجي. رأينا تفاوت أداء الوزراء في المؤتمرات الصحفية التي خصصت للإعلان عن مبادرات الوزارات المختلفة ضمن برنامج التحول الوطني. عدد من الوزراء كان واضحا تمكنهم وإلمامهم واستطاعوا توضيح مبادرات وزاراتهم، البعض الآخر ظهر وكأنه غير ملم بجميع الجوانب، ولم يتمكن من إيصال المعلومات وشرح مبادرات وزارته بشكل واضح للمتلقي، فماذا يُتوقع من منسوبي تلك الجهات، وعلى كل المستويات، عن مدى استيعابهم لتلك المبادرات وتفاعلهم معها وتطبيقهم لها؟ خاصة إذا أدركنا غياب ثقافة التخطيط الاستراتيجي في كثير من مؤسساتنا، ناهيك عن غياب مفاهيمه في حياتنا الخاصة. المسألة ليست معارف أو معلومات فقط، لكننا أمام برامج تحتاج إلى تطبيق، والإخفاق في تنفيذها سيعطل برامج أخرى. كما أن الإلمام بكل جوانبها واستيعاب جميع تفاصيلها (فرض عين) على كل من سيعمل على تنفيذها. لهذا قد لا يُستغرب مستقبلا من قدرة بعض الأجهزة على التنفيذ وإخفاق جهات أخرى بسبب عدم الفهم الدقيق، وليس بسبب عدم توفر الإمكانات أو نقص الموارد والمتطلبات فذاك شأن سنتطرق له في مقالات أخرى. للشفافية دور كبير في إنجاح الرؤية وبرامجها، كما أنها مع الإفصاح من أهم مبادئ الحوكمة. فلو تساءلنا عن مصير المدن الاقتصادية التي بشرت بها الهيئة العامة للاستثمار قبل سنوات ورفعت بها سقف التوقعات. الإجابة قد تكون صادمة ليس لفرط شفافيتها فقط، بل لأننا لم نتعود من الحكومة على مثل هذا الأسلوب، فقد جاء في وثيقة الرؤية «ندرك أن المدن الاقتصادية التي تم الإعلان عنها خلال العقد الماضي لم تحقق المرجو منها، وقد توقف العمل في عدد منها، وتواجه أغلبها تحديات حقيقية تهدد استمراريتها. وعملنا على إعادة هيكلة مدينة جازان الاقتصادية لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد عبر التعاون مع شركة أرامكو. وسنسعى لإنقاذ بعض المدن الاقتصادية الأخرى، التي تمتلك المقوّمات اللازمة، عبر السعي للعمل مع الشركات المالكة لهذه المدن على إصلاح وضعها، ونقل بعض المنشآت الحيوية إليها، وسيعتمد ذلك على مدى جاهزية تلك الشركات للتعاون مع الحكومة. ونهدف إلى أن تتمكّن هذه المدن من الإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات النوعية والكفاءات والمواهب الوطنية والعالمية حسب أولوياتنا الوطنية». هذا عن الشفافية، فماذا عن الإفصاح. بعيدا عن حساسية المسمى وحتى لا يفهم غير المقصود استخدمت الرؤية مصطلح المناطق (الخاصة) بدلا من (الحرة) «سنبدأ بتأسيس مناطق خاصّة في مواقع منافسة وذات مقوّمات استثنائية. وسنعتمد على المزايا التنافسيّة لكل منطقة للنظر في جدوى تأسيس مناطق خاصة لقطاعات واعدة، ومنها المناطق اللوجستية والسياحية والصناعية والماليّة وغيرها من أولوياتنا. وستتمتّع هذه المناطق بأنظمة ولوائح خاصة، وسيكون من شأن ذلك تعزيز الاستثمارات النوعيّة». تصحيح المسار والاعتراف بوجود خلل في التخطيط ووضع الحلول، ملمح من ملامح الرؤية وبرامجها ومثال آخر على شفافيتها، فعن إعادة هيكلة مركز الملك عبدالله المالي جاء في وثيقة الرؤية «بدأ العمل على بناء مركز الملك عبدالله المالي في العقد الماضي، دون مراعاة الجدوى الاقتصادية؛ حيث كان من المخطط له تطوير الأراضي وبيعها لمستثمرين في قطاعي المال والأعمال، إلا أن هذا المنهج لم ينجح، وقررت الدولة في حينه أن تأخذ على عاتقها بناء المركز ومن ثم تأجيره. كما أن البدء في بناء المركز وتسليمه على مرحلة واحدة سبّب ارتفاعاً كبيراً في التكلفة والتأخر في اكتمال التنفيذ، وسينتج عنه معروض مكتبي كبير يفوق الحاجة الفعلية لمدينة الرياض للسنوات العشر المقبلة، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استحالة تأجير المساحات المبنية التي وصلت إلى 3 ملايين متر مربع بأسعار مقبولة، أو حتى الوصول إلى نسبة إشغال معقولة تحقق عوائد مجدية. وعليه، فقد قمنا بمراجعة الجدوى الاقتصادية للمركز؛ ما تطلّب إعادة صياغة استراتيجيته بغرض تعزيز فرص نجاحه؛ حيث سنعمل على تحويل المركز إلى منطقة خاصة ذات لوائح وإجراءات تنافسية، ومن ذلك أن يكون منطقة مستثناة من تأشيرات الدخول ومربوطة بصالة الوصول في مطار الملك خالد الدولي مباشرة عن طريق قطار. كما سنعمل على إعادة ترتيب وتوزيع المساحات وخلق بيئة متكاملة ومناسبة وجاذبة للعيش والعمل في المركز». على الرغم من هذه اللغة الجديدة، إلا أن إعلامنا الرسمي مازال يتعامل بنفس اللغة والأدوات والآليات القديمة. الرؤية وبرامجها في حاجة إلى تحول إعلامي يواكبها، فمهمة وسائل الإعلام شرح وتفسير وتبسيط المعلومات ونقلها بشكل يمكن المواطن العادي من فهمها واستيعابها، وليس إعادة تدوير البيانات ونقل التصريحات فقط. الرؤية بحاجة إلى (تكتيك) إعلامي جديد ينقل تساؤلات المواطنين حول الرؤية، والإجابات عنها، ويمنحهم الثقة والاطمئنان، ويحفزهم للتفاعل بشكل أكبر. على الإعلام أن يدرك بأن المواطن هو مستهدف الرؤية ومحورها، لذلك هو من يستحق أن يوجه له الاهتمام. أهمية الإعلام بالنسبة للرؤية كبيرة، وسبق أن طالبت بإعداد استراتيجية اتصالية متكاملة للرؤية وبرامجها، وها أنا ذا أعيد مطالبتي هنا، خاصة بعد مشاهدة المؤتمرات الصحفية عن مبادرات برنامج التحول الوطني والأداء المتباين للوزراء والإعلاميين على حد سواء، ومتابعة بعض اللقاءات والتصريحات التي ترسل الرسالة الخاطئة عن الرؤية وبرامجها من خلال الطروحات الإنشائية والمدح المبالغ فيه. إذا كان مدح (الشيء) فوق محله ** فما هو إلا فوق كل هجاء هذا عن الإعلام، فماذا عن الأداء الحكومي؟ وهل يمكن تنفيذ برنامج التحول الوطني بنفس القدرات والكوادر الحالية؟ هذا ما سنتلمس الإجابة عنه في المقال القادم بعون الله.