في ثلاثة مواقع من عالمنا العربي، تم استنفار أبرز الفنانين لرمضان 2016، خصوصاً في سورية ومصر اللتين باتتا فرسي رهان للأعمال الدرامية والكوميدية وأحياناً البرامجية، وتقاسمت الشاشات العربية ما أنتجتاه وإن يكن حجم الحضور السوري أرحب رغم الفارق في عدد الأعمال المنجزة في استوديوهات كليهما، والنسبة واحد لثلاثة، فهناك 11 عملاً سورياً بيعت بالكامل لمجموعات فضائية عدة، في مقابل 34 مسلسلاً مصرياً كانت هناك معاناة حقيقية في تسويق أقل من نصفها رغم حشد القاهرة أكبر أسمائها لتسهيل التسويق ومواجهة المد السوري. لذا، كان حضور الفنانين عادل إمام «مأمون وشركاه»، محمود عبدالعزيز وميرفت أمين وفاروق الفيشاوي «راس الغول»، يسرا «فوق مستوى الشبهات»، يحيى الفخراني «ونوس»، إلهام شاهين وصفية العمري «ليالي الحلمية»، ليلى علوي «هي ودافنشي»، منى زكي «أفراح القبة»، ونيللي كريم «سقوط حر»، وقدمت النجم الشعبي دونما منازع محمد رمضان ومعه الكبيرة فردوس عبدالحميد في «الأسطورة»، كما تم الترويج لحضور المطرب محمد منير في «المُغنِّي»، ووظفت عدداً من النجوم العرب لمقارعة الأمور بمثلها، فها هو السوري جمال سليمان في «أفراح القبة»، والتونسية لطيفة في «كلمة سر»، وزميلها ظافر عابدين في «الخروج». كل ما سبق لم يعط المصريين تفوقاً رغم أن نقادهم والعاملين في مجال الصحافة الفنية لا يشاهدون إلا الأعمال المحلية فقط وكأنهم منقطعون عن العالم، وكأنما لا يلتقطون في القاهرة حتى الفضائيات المصرية التي غالباً ما تتناول الأعمال العربية الأخرى في عرض ثان بعد أشهر من عرضها عربياً، لذا لا تنشر أي عبارة وليس مقالاً عن كل ما يشاهده العالم العربي، وينصبّ الاهتمام على قصص المسلسلات وما الذي سيحصل في حلقة اليوم من هذا المسلسل أو ذاك، مع رفض ما تقوله أجهزة الرصد والمتابعة في المؤسسات المتخصصة، إلى حد أن بعض المقالات وصفت دورها بأنه يؤثر على الأمن القومي في مصر، رغم أن المسؤول عن الشركة في مصر اختارته الحكومة المصرية ليكون عضواً في هيئة مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون. المهم أن ليس هناك ما يدفع الجماهير لكي تتابع عملاً بذاته في موعد واحد يومياً، فأين هذه الأعمال مما كان يفعله «رأفت الهجان»، أو «الحاج متولي»، أو «الأيام»، أو غيرها من المسلسلات الضخمة والراقية. وعلى المقلب الآخر، استطاع السوريون رغم الظروف الصعبة التي تواجههم، أن يقدموا المستوى الذي تعودنا عليه، خصوصاً آلية العفوية في التمثيل، وهذه تحسب في خانة الحسنات الطاغية مقارنة مع المدرسة المصرية الرتيبة والمصطنعة في غالبيتها. وكان جيداً دخول الممثل غسان مسعود الذي استعان به المخرج الإنكليزي العالمي ريدلي سكوت في ثلاثة أفلام متلاحقة، على خط الجديد من خلال «نبتدي منين الحكاية»، وتقاسمه البطولة سلافة معمار بإدارة طليقها المخرج سيف الدين سبيعي، وحضرت الجميلة نسرين طافش بقوة في «الطواريد»، وتابع أحد علامات الإخراج في سورية حاتم علي ما كان بدأه مع «العراب»، في الموسم الماضي ومع ممثلين لهم وزنهم أمثال باسم ياخور، باسل خياط، منى واصف والجزائرية اللبنانية أمل بشوشة. وكانت مميزة مشاركة الفنان رشيد عساف في عملين كبيرين «عطر الشام» و«طوق البنات 3». خصوصية أداء بسام كوسا هيمنت على حلقات «دومينو»، مع سلافة معمار التي حضرت أيضاً في «خاتون»، حيث يميز اللبنانيون ورد الخال، بيار داغر، وطوني عيسى. ووقّع الليث حجو «الندم»، عن نص قوي وجريء للمتخصص في الشأن الدرامي حسن سامي يوسف ليلمع الممثلان القديران باسم ياخور وسلوم حداد في دورين رائعين. وصولاً إلى «باب الحارة» الذي حاول تجديداً وعصرنة في الحارة السورية فهوجم وإن يكن مبكراً الحكم على ما أراده الكاتب سليمان عبد العزيز والمشرف العام بسام الملا مع باقة من كبار الشاشة الصغيرة عباس النوري، سلاف فواخرجي، سلمى المصري وصباح الجزائري. يبقى أن لبنان الذي شارك عدد من ممثليه في أعمال سورية ومصرية، أنجز وعرض خمسة مسلسلات كانت على خريطة المشاهدة الجيدة «نص يوم» نادين نسيب نجيم، وتيم حسن، «جريمة شغف» نادين الراسي وقصي خولي، «مش أنا» كارين رزق الله وبديع أبو شقرا، «يا ريت» ماغي أبو غصن ومكسيم خليل، «وين كنتي» ريتا حايك، نقولا دانيال، وكارلوس عازار، ولا شك في أن الدراما اللبنانية تستفيد من المنافسة التلفزيونية بين سورية ومصر.