أضحى طرح المسلسلات التلفزيونية في شهر رمضان أمراً متعارفاً عليه، ويعتمد بشكل كبير على السوق الإعلانية والإنتاجية خلال هذا الموسم الدرامي، إلا أن الكم العددي المطروح من المسلسلات لا يتناسب وقدرة الأفراد على المشاهدة، حيث تقدم القنوات المحلية والعربية هذا العام ما يصل إلى 60 مسلسلاً مصرياً وعربياً وخليجياً، ما جعل المشاهدة الانتقائية وبشدة حلاً منطقياً من خلال اختيار الملائم منها للمشاهدة عبر الشاشة التلفزيونية بينما يبقى غيرها رهناً بأوقات وأساليب أخرى. وحلت التقنية الحديثة محل شاشات التلفزيون كخيار انتقائي لمشاهدة المسلسلات الرمضانية، كونها تتيح للأفراد اختيار ما يروق لهم في الوقت الذي يناسبهم، بعيداً في أحيان كثيرة عن الإعلانات، وتناسباً مع حيز الوقت المخصص للمهام المنزلية والخارجية والعبادات، فلم تعد شاشات التلفزيون وجدول برامجها الزمني المحدد من قبل إدارتها هو الحل الوحيد أمام الراغبين بالمشاهدة الذين يبحثون عن البدائل، ولعل القنوات التلفزيونية قد اكتشفت هذا الأمر فخلقت منصة للمشاهدة ضمن مواقعها الإلكترونية، واستثمرتها لتبث فيها إعلانات خاصة لا يمكن تخطيها، وما يميزها عن غيرها من المواقع الإلكترونية جودة البث والصورة، بينما يعكف الكثير من المواقع الإلكترونية غير المتخصصة على بث الحلقات، كما يختار بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر مشاهد مميزة وجاذبة من تلك المسلسلات. من بين الذين اقتصروا في مشاهداتهم على مسلسل واحد عبر شاشة التلفزيون هو الشاب محمد علي، فحصر مشاهدته على سيلفي 2، حيث يرى أنه من نوع المسلسلات التي بدأت تنقرض على حد قوله فتعتمد في كل حلقة على موضوع معين، مما يجعل مشاهدتها أمرا خفيفا ومسليا ولا تفرض على المشاهد التسمّر أمام الشاشة كل يوم، فمشاهدته تعتمد على ظروفه الشخصية، ويضيف: في أحيان كثيرة حينما لا يتسنى لي الوقت لمشاهدة الحلقة، أبحث عن موضوعها من خلال تفاعل الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وأرى إن كان جاذباً لي لأشاهدها على الموقع الإلكتروني، وإن كان موضوعها غير جاذب أكون قد وفرت على نفسي الوقت. أما عبدالله نزار فيعتمد بشكل كلي في مشاهدته للمسلسلات الرمضانية على مدى تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك مسلسل خيانة وطن الذي بدأ مشاهدته بعد أن قرأ آراء الناشطين الإيجابية حوله، ويقول: لأن موضوع المسلسل واقع عايشناه في حياتنا اليومية جذبتني ردود الأفعال حوله ما دفعني لمشاهدته كون جميع من أعرفهم يشاهدونه، ولم أرغب بأن أكون خارج السياق، ففي أحيان كثيرة يتخلى الفرد عن قرارات اتخذها لأجل مشاهدة مسلسل يمس واقعه ويصفه الجميع بالمتميز، ومن تلك القرارات ابتعادي عن مشاهدة المسلسلات منذ خمس سنوات. واعتمد عبدالله في مشاهدته للحلقات الفائتة من المسلسل على الموقع الإلكتروني الذي خصصته قناة العرض لبثه. وتعتبر سارة محمد موظفة نفسها من المتابعين الجيدين للمسلسلات الرمضانية، فهي وسيلتها الوحيدة للتسلية بعد أن تعود من عملها لمنزلها الذي تسكن فيه بمفردها، وتعتبر وحدتها هذه ميزة تجعلها تشاهد ما يحلو لها من تلك المسلسلات دون تقييد من قبل خيارات العائلة، وحول أبرز أساليب المشاهدة التي تعتمدها تقول: بداية أشاهد بضع حلقات عبر المواقع الإلكترونية وأتابع الآراء النقدية حول المسلسلات في مواقع التواصل الاجتماعي، وأكوّن فكرة عامة حولها، ثم أعتمد في مشاهداتي على نظام التسجيل بواسطة جهاز الاستقبال للحلقات المتتابعة، فأشاهد كل المسلسلات التي أرغب بعد تسجيلها من دون إعلانات وعدة حلقات متتالية، مما يختصر علي الوقت ويتيح لي فرصة لمشاهدة ما فاتني من حلقات في حال خرجت من المنزل لقضاء مشوار ما مثل الزيارات والتسوق، فأخلق لنفسي جدولاً للمشاهدة بعيداً عن جدولة المحطات التلفزيونية. وتشير إلى أنها تعمد لمشاهدة المسلسلات التي لم تستطع مشاهدتها في شهر رمضان عبر المواقع الإلكترونية بعد انتهاء الشهر، فتكون تلك المواقع قد سجلت كامل الحلقات دون فواصل وجهزتها للبث. عدم تفرغها للمشاهدة في الأوقات التي تجدولها القنوات، دفع ربة البيت أم عبدالرحمن إلى مشاهدة المسلسلات التي يروقها أداء أبطالها النجوم عبر جهازها اللوحي من خلال المواقع الإلكترونية، وهناك أسباب أخرى تدفعها إلى المشاهدة بعيداً عن شاشة التلفزيون أهمها كما تقول: اختلاف الأذواق بيني وبين أبنائي في مشاهدة مسلسلات بعينها يجعل خياري الأمثل في المشاهدة هو المشاهدة الخاصة عبر جهازي اللوحي، فمثلا أشاهد مسلسلات أرتبط بها بذكرى مثل ليالي الحلمية وباب الحارة ومسلسلات لنجوم من جيلي مثل يحيى الفخراني في ونوس بينما يميل أبنائي لاختيار المسلسلات التي تحاكي جيلهم وتأخذ النمط الكوميدي مثل شعبية الكرتون 11 وسيلفي2 ويوميات زوجة مفروسة أوي. وتشير ريما المجدوب موظفة إلى أن كم المسلسلات الكبير الذي يبث في شهر رمضان يدفع الكثيرين إلى تأجيل مشاهدة عدد مختار منها إلى ما بعد انتهاء الشهر، خاصة وأن غالبية الفنانين يعتمدون على المنافسة فيما بينهم لأجل الظهور بأعمال مميزة في رمضان، مما يجعل المشاهد في حيرة من أمره وما يشاهده، وتضيف: أتعرف في بداية رمضان على المواضيع التي تطرحها المسلسلات وردود فعل الجمهور من أول حلقتين عبر موقع التواصل الاجتماعي والتعليقات حولها، وأحدد الأقرب منها لميولي في المشاهدة وأختار بعد ذلك مسلسلين لا أكثر للمشاهدة في رمضان، وأؤجل مشاهدة عدد آخر حتى انتهاء الشهر، وفي أحيان كثيرة أعمل على انتقاء حلقات مفردة من كل مسلسل وأرى مدى جاذبيته كي يحل مكان أحد المسلسلات التي اخترتها، وبذلك لا أفوت على نفسي فرصة المشاهدة والتقييم للأعمال الرمضانية.