يقود رجل الأعمال التركي أمين أوستن واحدة من كبرى المجموعات الاقتصادية في تركيا، وتحمل اسم "أمينافيم". لكن اللافت في قصته ليس نجاحاته المالية بل مشروع العدالة الاجتماعية والاقتصادية الذي يحمل لواءه. يعقد أوستن الصفقات، ويشتغل بالعقارات والإنشاءات، لكنه يصر على أن يكون "للفقير والمحتاج ومحدودي الدخل نصيب في أعمالنا"، كما يقول في لقاء مع الجزيرة نت. بدأت قصة أوستن سنة 1990، عندما كان يرى الصعوبة التي يلاقيها أصدقاؤه وجيرانه والفقراء بشكل عام، في شراء سيارة. كانت البنوك تأخذ فوائد كبيرة، وتطلب من المتقدم للحصول على قرض بقصد شراء السيارة إثبات جهة عمله ومعدل دخله، وهو ما لم يكن بإمكان الجميع تقديمه. فكرة "الجمعية" هنا فكر أوستن بأن يجد حلا لهذه الفئة من المجتمع التركي، أتى على شكل "جمعية" بمعناها الشعبي في بلدان عربية وفي تركيا، وهي عبرة عن مجموعة من الأشخاص يشاركون في تأديات مالية شهرية. أسر تركية تستفيد من خدمات "أمينافيم" لشراء مسكن (الجزيرة) كان الهدف من الجمعية أن يشترك الكل في شراء سيارة الفرد، وهكذا بالتناوب عبر قرعة تجرى بحضور جميع أفراد المجموعة. وتطلب الأمر التزاما وتنسيقا عاليين، تكلف بهما أوستن. وفي ظرف سنوات قليلة اشترى بهذه الطريقة ستين ألف سيارة لستين ألف مشترك. ولأن مجموعات المشاركين كانت تكبر، والعمل يزداد ضغطه على أوستن، بدأ يأخذ عن كل عملية 5% عمولة تدفع مرة واحدة، لا كل شهر أو عام كما تفعل البنوك. ويعلق بشأن ذلك للجزيرة نت قائلا "نحن بعيدون عن العمل الربوي، ونبحث عن طريقة أفضل من الرأسمالية لتلبية احتياجات الناس، ووفرنا عليهم ملايين الدولارات التي كانت تأخذها منهم البنوك فوائد". القروض وحرب البنوك ولأن هذا يسري أيضا على شراء البيوت عبر قرض، التفت أوستن سنة 2006 بالطريقة نفسها إلى تلبية طلبات شراء البيوت -الأمر الأشد إلحاحا بالنسبة للأسر- عبر شركة حملت اسم "أمينافيم" هي اليوم مجموعة اقتصادية ضخمة بات معها أوستن واحدا من أكبر رجال الأعمال في تركيا. لم تكن الطريق التي قطعها أوستن مزينة دائما بالنجاحات، إذ يقول إن "البنوك حاربتنا وتعرضنا لمضايقات كثيرة قبل أن تصل الحكومة الحالية للحكم وتسهل عملنا، كما أن ما يزيد على مئتي شركة فتحت لتنافسنا عبر منهجنا التضامني ذاته، لكن سمعتنا في المجال وخبرتنا والتزامنا حافظت على ريادتنا. والحمد لله اشترينا حتى الآن 35 ألف بيت لـ35 ألف محتاج". إلى سوريا وفلسطين يقول شعار مجموعة أمين أوستن "احصل على بيتك بأسهل طريقة"، وهو يحيل على التطبيق الحرفي للجملة، فشركة "أمينافيم" ليست فقط تنظم وتنسق وتدبر أمر شراء البيوت للمحتاجين في مجموعات وصل عدد مشتركيها إلى مئة ألف مشترك، بل أطلقت بشكل مواز جمعية خيرية تحمل اسم والده "حميد الله". حفل إجراء قرعة لاختيار المستفيدين من بعض خدمات التكافل (الجزيرة) ويقوم أوستن بضخ الأموال عبر الجمعية لمساعدة المشتركين الذين قد تعيقهم ظروفهم الاجتماعية عن دفع واجباتهم الشهرية، أو المشتركين الذين لا يكون بإمكانهم انتظار مدة تفوق العشرين شهرا للحصول على بيت. ولا تكتفي الجمعية بذلك، بل تنظم حملات خيرية في تركيا وعلى الحدود مع سوريا، وفي الداخل السوري أيضا وفي فلسطين.