كان الوالد، القائد، المعطي، الواثق، المؤمن بشعبه، ذا نظرة ثاقبة، وفكر عميق، أسس الاتحاد ليبقى، وفي كل فرد من شعبه زايد فكيف يرحل؟ ترحل الأجساد وتبقى الأرواح والأفعال. هذه حقيقة ثابتة. المؤثرون لا يرحلون، لأنهم باقون في العقول الحية، لم يكن ما قام به الوالد زايد رحمه الله بالفعل الذي ينسى، فهو كان يبني للمستقبل، يعطي للحياة، جعل العالم يدرك من هي الإمارات وشعبها، لم يبخل على البعيد أو القريب. كان واثقاً بكل فرد، وهنا يكمن الفرق، لم يكن حاكماً حتى يسود وينعزل، بل عاش يبحث عن كل الحاجات ويلبي كل الطلبات. كان أباً يربي أبناءه قبل أي أحد كيف يكون التعاضد والوفاء، كان يتحدث بلغة الصغير قبل الكبير، في قلبه عاشت الرحمة والمحبة. لم يبخل ولم يتوان عن شيء يفرح شعبه. لهذا زايد لا يرحل، يعلمنا في رحيله كيف يكون البقاء للأبد، فالحياة لا تستمر، وكلنا راحلون، لكن كيف نرحل؟ هي الحياة الباقية، الحياة بعد الموت وكيف سيذكرنا من يبقى بعدنا، لا أحد يبقى في هذه الحياة إن لم يؤثر في شيء، في حياة أحد، إن لم يقدم ولم يتوان. المؤثرون يدركون قيمة التعب، يدركون لماذا يجب أن نحب الآخرين، ولماذا التضحيات هي سمة الأخيار والمتميزين. بعض الناس يحب أن يعيش في قصر عاجي بعيداً عن الناس وهمومهم، يعتقد أن الفرح والسعادة في البعد عن الآخرين، ولا يدرك بطبيعته أنه يبتعد عن الحياة الحقيقية، وأنه ميت وهو على هذه الأرض. إن كنا نحب زايد، ونحن أبناؤه لنكن مثله طوال العام، لا نتوانى عن الخير، ولا نكون إلا قدوة في كل وقت ومكان، فالوفاء ورد الجميل له هما ما يبرهنان على صدق حبنا، لنكن علامة فارقة في خريطة الخير على مستوى العالم، ولنكن بأخلاقنا صورته الدائمة المشرفة، لنسع، نتعلم ونتفانى، لتكن قلوبنا نظيفة تستقبل الفقير والمحتاج، لا نهين ولا نتعالى، لا نبخل ولا نمن، لا نتردد ولا نخذل، فينا تكون سمة الكرم والإخاء، البذل والسعي، التميز والتقدم، الهمة والقمة، نؤثر في قلب العامل قبل الوزير. فكر مثله وعش مثله، تذكر لماذا كان يعمل لك حتى تعمل من جديد، فكر لماذا أحبك لتبقى تحبه، فكر لماذا هو الأب فعلم أبناءك كيف يكون العطاء لهذه الأرض التي لم تبخل علينا، فكر كيف كان يسهر من أجلنا وتمرس السهر، وقدم ما ترضى به عن نفسك. كن راقياً برقي هذه الأرض ومن أسسها، ومن رحل عنها، ومن وثق فينا. رحم الله أبانا زايد وكل مؤسسي الاتحاد ومن يسير على خطاهم. Mar_alblooshi@hotmail.com