أثار مشروع قرار مجلس الوزراء في تخصيص جامعة صباح السالم في المدينة الجامعية الجديدة في منطقة الشدادية كجامعة حكومية جديدة منفصلة عن جامعة الكويت، جدلاً واسعاً بين الأوساط الأكاديمية في الجامعة، وشكل هذا الخبر صدمة للعديد من الأكاديميين الذين أكدوا أنهم بذلوا الكثير من الجهود في متابعة إنشاء مباني المدينة الجامعية في الشدادية، مشيرين إلى أن المباني الجديدة صممت طبقاً لاحتياجات جامعة الكويت ولا يمكن أن تناسب غيرها. ولفت عدد من الأكاديميين إلى أن جامعة الكويت في مبانيها الحالية تعاني العديد من النواقص وفيها العديد من المباني الموقتة مثل «قاعات الصفيح» والتي لا تصلح للتعليم الجامعي، مبينين أن الأوساط الجامعية كانت تنتظر وبفارغ الصبر أن تنتهي من هذه المشكلة وتنتقل إلى الموقع الجديد في «الشدادية» إلا أن حلم الانتقال يبدو أنه سيذهب ادراج الرياح وسيستمر وضع الجامعة على ما هي عليه. وقال الناطق الرسمي باسم جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت الدكتور مساعد الزيد، إن «الجمعية تستنكر هذا القرار»، لافتاً إلى أنه منذ الأيام الأولى لطرح فكرة إنشاء جامعة جديدة في أواخر الثمانينات كانت فكرة هذه الجامعة أن تكون «الشدادية» هي جامعة الكويت ولم تكن لجامعة أخرى. وبين أنه خلال الـ5 أشهر الماضية أعطانا الوزير الدكتور بدر العيسى كلمة، على أن تتنقل جامعة الكويت إلى الشدادية، مبينا أن الجامعة وكوادرها كلها جاهزة للانتقال هناك. ولفت الزيد إلى أن هذه المنشأة العملاقة لا يمكن أن تستقبل جامعة جديدة، فالجامعة الجديدة من الصعب أن تستخدم جميع هذه المباني وعلى الأكثر ستبدأ بثلاث كليات، متسائلاً: ما الذي سيحدث في بقية المباني المفترض أنها قد خصصت لجامعة الكويت وبناء على احتياجاتها؟ وتابع، «نحن كجمعية أعضاء هيئة التدريس ومنتسبي الجامعة نستنكر فعل الوزير، لاسيما وأنه ابن جامعة الكويت ودكتور فيها»، لافتاً إلى أن «الجمعية حالياً تجري تحركاتها مستخدمة جميع أدواتها النقابية، ولا يمنع من أن نتجه لوسيلة الاحتجاج بصورة لا تضر العمل وفي التدريس، مطالباً جميع منتسبي الجامعة ونواب المجلس وكل شخص له ثقل أن يساند الجامعة وأن ترجع الحقوق الى اصحابها». وأعرب عضو اللجنة المشتركة لمؤسسات التعليم العالي ونائب رئيس رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية فواز عزيز الرشيدي عن رفضه القاطع لتوجه فصل مباني الشدادية عن جامعة الكويت، مشيرا إلى أن فكرة وقرار إنشاء مباني الشدادية جاء بهدف توسعة مباني الجامعة وزيادة قدرتها الاستيعابية وتوفير مقاعد دراسية للمستجدين من أبناء الكويت. وقال الرشيدي إن «مباني الشدادية ومنذ بدأ العمل بها أنها أفرع جديدة تابعة للجامعة وسوف يتم استغلالها لمصلحة الجامعة لزيادة قدرتها الاستيعابية لمواجهة الأعداد المتزايدة سنويا من أبناء الكويت خريجي الثانوية، وبناء على ذلك شهدت السنوات الماضية استعانة مسؤولي الدولة بأساتذة جامعة الكويت لتصميم جامعتهم الجديدة وفق احتياجات اقسامهم العلمية، إلا أن هذا الحلم الأكاديمي قد تبدد وفوجئ الجميع بإصدار قانون الجامعات الحكومية والذي تضمن في المادة 44 قرارا بفصل مباني الشدادية عن جامعة الكويت على الرغم من قرب الانتهاء من بعض الكليات في حرم الشدادية العام 2017 وتشكيل لجان من أساتذة جامعة الكويت لفحص وتسلم اعمال المقاولات في المدينة الجامعية الجديدة». وأكد الرشيدي رفض اللجنة المشتركة لمؤسسات التعليم العالي لفصل مباني الشدادية عن جامعة الكويت سواء تحت بإدارة جامعة حكومية جديدة أو إدارتها من قبل القطاع الخاص، مناشدا أعضاء اللجنة التعليمية بمجلس الأمة سرعة اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع فصل الشدادية عن جامعة الكويت نظرا لما يمثله ذلك من تهديد للعملية التعليمية، حيث إن فصل الشدادية عن جامعة الكويت سيسهم في تدني مستوى الجامعة واحتلالها لمراكز عالمية متأخرة نظرا لتهالك المباني والمختبرات، إضافة للطاقة الاستيعابية المحدودة، كما أنه في حال أصبحت الشدادية جامعة منفصلة لن تتمكن من سد هذا الفراغ كونها جامعة وليدة وسوف تحتاج لسنوات طويلة لتأهيلها وتمكينها من القيام بدورها، وسوف يترتب على ذلك فتح المجال للجامعات الخاصة لاستقطاب مزيد من الطلبة وهو الأمر الذي يثقل كاهل الاسر الكويتية. وقال الدكتور علي بومجداد، «تفاجأنا جداً بهذا القرار الذي سيحرمنا من حلم كبير كنا ننتظره منذ الثمانينات، وهو الحلم الذي بدأ يتحول إلى حقيقية اليوم لاسيما مع انتهاء العمل الإنشائي في عدد من الكليات مثل العلوم الادارية وكلية الهندسة والبترول»، مبيناً أن الأقسام العلمية خلال السنوات الماضية بذلت الكثير من الجهود والملاحظات التفصيلية على هذه الكليات، ففي كلية العلوم على سبيل المثال توجد هناك 10 مراكز أبحاث خصصت للكلية نفسها بحسب احتياجاتها الحقيقية، فقد خصص مختبر الليزر والاشعاع البيئي وأيضاً مختبر للتكنولوجيا الحيوية، وكل هذا بناء على حاجة جامعة الكويت، وفي حال منح هذه المنشآت لجامعة جديدة ما الذي ستقوم به ونحن نعلم أن أي جامعة جديدة لا يمكن أن تنطلق بكل هذه القدرات، وهي جامعة يفترض أن تقدم مواضيع جديدة تخدم سوق العمل. وأوضح بومجداد، أن تخصيص موقع الشدادية لجامعة جديدة سيتسبب في هدر كبير في المال، فكثير من المشاكل لن تتمكن هذه الجامعة الجديدة من أن تعالجها، فهذه الجامعة تم وضعها طبقاً لمتطلبات جامعة الكويت وأخذ رأي اساتذة الجامعة في ذلك وبالتالي هم أكثر جهوزية وقدرة للتعامل مع هذه المنشآت. ولفت بومجداد إلى أن في كلية العلوم في موقع الشدادية هناك غرفة خاصة قمنا ببنائها على مواصفات دقيقة جداً بحيث يجب أن تكون بعيدة عن التيار الكهربائي وألا يحدث اهتزازات للأرضية الواقعة عليها، وتم تحديد شكل هذه الغرفة والجهاز الذي يتم وضعه داخلها يكلف مليون دينار، متسائلاً من سيستلم هذا؟، مؤكداً أن هذه المنشآت وبهذه المواصفات تمثل مسؤولية كبيرة ولابد أن تستلمها اللجنة التي تابعتها في كل كلية. وتابع «حالياً يوجد 14 ألف طالب وطالبة في الجامعة هم في الحقيقة فوق الطاقة الاستيعابية، وعندما كنا نشكو هذه المشكلة كان الرد دائماً يأتينا بأن ننتظر الجامعة الجديدة في الشدادية حتى أنه تم منع بناء أي منشآت جديدة وقضينا وقتنا في قاعات الصفيح». وأشار بومجداد إلى أن الحل الأمثل لهذه المعضلة بسيط جداً، وهو أن تذهب جامعة الكويت إلى الشدادية حسب ما خطط لها، والمواقع الحالية لجامعة الكويت هي التي تصبح الجامعة الحكومية الجديدة. من جهتها، عبّرت رئيسة قسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة الكويت الدكتورة شيخة الجاسم عن صدمتها بطرح مثل هذه الفكرة، وقالت «كل من عمل وتابع وشارك في تصميم وبناء المنشآت الجامعية في الشدادية أصيب بصدمة غير متوقعة، فمنذ العام 2006 كنا نقدم استشاراتنا واقتراحاتنا حتى على مستوى التصميم وألوان المباني للكليات التي يفترض أن ننتقل إليها»، مبينة أن المباني الحالية للجامعة مباني موقتة وآيلة للسقوط، وأن فكرة إنشاء جامعة جديدة أمر جيد لاسيما مع تزايد أعداد الطلبة، ولكن ليس على حساب جامعة الكويت التي تفتقد للمباني الجيدة التي تليق بالاساتذة والطلبة، فلا توجد لدينا كافتيريات أو استراحات أو حتى مكاتب «سنعة». واستغربت الجاسم من أسلوب إدارة شؤون الدولة، مبينة «نتمنى قبل التسريبات التي خرجت في مثل هذا الموضوع أن يكون هناك متحدث رسمي من قبل الحكومة ويقدم لنا الأسباب التي دعت إلى ذلك، لكننا لم نجد ذلك، وكأن الهدف من التسريب هو جس النبض!». وانتقد رئيس الهيئة الإدارية للاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الجامعة سيف عبدالحميد السبيل، القرار الصادر بقانون الجامعات الحكومية والخاص بفصل جامعة الكويت عن الشدادية واعتبار الجامعتين منفصلتين وجعل جامعة (صباح السالم) جديدة وبميزانية منفصلة، وقال «ما الأسباب الداعية لاتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت ولمصلحة من؟»، مبينا ان هناك تساؤلات عديدة تطرح نفسها خصوصاً مع ارتباط هذا المشروع الجامعي منذ نشأته بجامعة الكويت والحلم الطلابي الكبير. وطالب السبيل، متخذي القرار بضرورة التراجع عن هذا القرار غير المبرر وغير المدروس والذي شكل صدمة للجموع الطلابية، متابعاً «إلى متى هذا التخبط وإلى متى العشوائية التي تدار بها العملية التعليمية من قبل المسؤولين بالدولة والتي سوف يكون لها آثار سلبية عديدة مهما كانت أي ايجابيات قد تحدث من تطبيق هذا القرار وما هو العائد الذي يحدث سوى المزيد من التشتت والتفكك وعدم الثقة بأصحاب القرار الذين يديرون تلك العملية حسب الأهواء ولتحقيق مجد شخصي؟ وتساءل السبيل، «هل ما بين عشية وضحاها أصبح المشروع الحلم الطلابي الذي عشناه وواكبناه والذي كانت كل تصوراته ومخططاتها وتنفيذه وإشرافه تحت الجامعة منذ ولادة هذا المشروع الكبير وبمتابعة مستمرة من القائمين عليه من تنفيذيين وعاملين وفنيين وغيرهم وكذلك الزيارات الميدانية التي كنا نقوم بها للوقوف على المستجدات التي تطرأ على هذا المشروع وفجأة وبدون أي مقدمات يسحب وكأنه لم يكن». وعبر السبيل عن أسفه في كيفية إدارة هذا الملف الخطير وما تبعه من أحداث متلاحقة وعجيبة مضيفاً «أين الميزانيات التي خصصت لتحقيقه والتي كانت تصرف من قبل الجامعة من مصاريف إدارية ونثرية وطباعة مخططات هندسية ومراسلات ومطبوعات وغيرها من الأمور الأخرى وفي النهاية تنتهي بتحويلها إلى ميزانية مستقلة فمن يتم مساءلته ومن نحاسب على هذا الكم الضائع من الوقت والهدر والنفقات المادية والمعنوية والبشرية... من نحاسب!؟ وشدد السبيل على أهمية مراجعة هذا القرار من جوانبه كافة وإعادة الامور إلى نصابها الصحيح من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مشرق بدلاً من النفق المظلم الذي سيدخل بنا جميعاً وإلى متاهة لا يعلم مداها غير الله، مؤكداً أن الاتحاد لن يسكت عن هذا الحق الذي سلب ما بين عشية وضحاها دون مراعاة لمستقبل جموعنا الطلابية الذين طال انتظارهم لتحقيق حلمهم في جامعة صباح السالم. من جهته، أوضح الطالب حسن عرب أنه توجد هناك عدد من الإيجابيات في مشروع قرار تخصيص موقع الشدادية لجامعة حكومية جديدة، مبيناً أن هذا القرار سيتيح للعديد من الطلبة الدراسة في جامعة الكويت وسيمنح الطلبة البدون الدخول أيضاً في الجامعة. وتابع،»من المؤسف أن تفشل سياسة جامعة الكويت في موضوع البعثات وترى أن الابتعاث يقتصر على حاجة القسم، ولو كانت بقية الأقسام العلمية ترى بمنظور مستقبلي لا يشملها بل يشمل الكويت كلها لابتعثت طلبة بأعداد كبيرة ليرجعوا كطاقة شبابية تقود هذه الجامعة الحديثة، ولكن وكما رأيت في وجهات النظر المعارضة لهذا القرار وكأن العملية كانت طوال الوقت تنتشلهم من بؤس جامعة الكويت إلى (جنة الشدادية) ولو أنهم نظروا بمنظور أبعد لسمحوا للطلبة أن يرجعوا كحملة شهادات عليا يوافق على مصداقيتها أساتذتنا، ولن يكون هناك هاجس قلق في قيادة أصحاب الشهادات الوهمية للعملية الأكاديمية». وبين أن وجود جامعة جديدة بإدارة جديدة وحديثة، ستفتح الباب على مصراعيه لاستقبال الطلبة جميعهم، وسيتم حل أزمة القبول وتكدس الأعداد الكبيرة في الجامعة، أما انتقال جامعة الكويت للشدادية فلن يحل المشكلة وستبقى العقلية عينها، وسيبقى المنظور هو نفسه، ولن نحرز أي تقدم كاف، مبيناً أن وجود القيادة الحديثة والروح الشبابية الحية سيكرس نفسه بأن يحل المشاكل التي تعرضت لها الجامعة سابقاً. بدورها، رفضت نقابة العاملين في وزارة التعليم العالي توجه فصل مدينة صباح السالم الجامعية عن جامعة الكويت، مشيرا ان الفصل قد يسهم في تدني مستوى الجامعة واحتلالها لمراكز عالمية متأخرة نظرا لعدم تناسق المباني مع المواصفات الاكاديمية المعتدة إضافة للطاقة الاستيعابية المحدودة. وحذرت النقابة في بيان لها من انه في حال أصبحت الشدادية جامعة منفصلة فأنها لن تتمكن من سد الفراغ الاكاديمي كونها جامعة وليدة وسوف تحتاج الى وقت طويل لتشغيلها وهذا يخشاه القائمون على الجامعة. وأشارت النقابة الى ان الادارات الجامعية السابقة كانت تسير بالمشروع وفق الخطة الزمنية من خلال القائمين عليها، خصوصا ان من خطط للمدينة الجامعية هو الأساتذة والعاملون فيها وذلك خلال السنوات الماضية والتي اعتمدت من قبل الإدارات الجامعية. وطالبت النقابة ان يكون هناك موقف معلن من قبل الهيئة التدريسية والعاملين والطلبة لوقف أي نوع من انواع اخذ مكتسبات جامعة الكويت خلال الفترة المقبلة، مشيرا الى ان النقابة ستجتمع مع وزير التربية والتعليم العالي لتبيان الامر خلال الأيام المقبلة. واستغربت النقابة توجه الوزير في اتخاذ مثل هذه القرارات غير المدروسة من دون أن يكون هناك دراسات واضحة حول فصل مدينة صباح السالم عن جامعة الكويت بشكل جيد، متسائلة في الوقت نفسه عن الإمكانيات المتاحة أو آلية تشغيل المدينة الجامعية الجديدة لجهات لا نعلم عنها شيئاً، مؤكدة أن جامعة الكويت هي الجهة الوحيدة التي تستطيع ان تحل هذه المصاعب. وأكدت النقابة أنها تقف جنباً إلى جنب مع نقابة العاملين في جامعة الكويت مع أي توجه تقرره خصوصاً في ما يتعلق برفع دعوى قضائية لوقف هذا القانون نظراً لمشاركة العاملين في مشروع مدينة صباح السالم الجامعية. 52 في المئة مؤيدون لتخصيص «الشدادية» كجامعة حكومية جديدة باستخدام ميزة التصويت الإلكتروني في برنامج تويتر، وجهت «الراي» سؤالاً لجمهور (تويتر) ركزت فيه على الأكاديميين وطلبة الجامعة، واستهدف السؤال معرفة حجم تأييد الجمهور لتخصيص المدينة الجامعية «جامعة صباح السالم» كجامعة حكومية جديدة بدلاً أن تكون جامعة الكويت، وجاء السؤال كالآتي: هل تؤيد أن تخصص المدينة الجامعية في الشدادية كجامعة حكومية جديدة منفصلة عن جامعة الكويت؟. وبمشاركة 569 مغردا ومغردة في الاستبيان، أجاب ما نسبته 52 في المئة بالموافقة والتأييد، بينما رفض ما نسبته 48 في المئة مثل هذا القرار.